الحمد لله.
ثانياً :
خبر إسلام جرجة الرومي على يدي خالد بن الوليد رضي الله عنه : لا يصح إسناده ، ولا
يحتج به .
فقد رواه الطبري في "تاريخه" (3/397) عن السَّرِيّ ، عَنْ شعيب ، عن سيف ، عن أبي
عثمان يزيد بْنِ أُسَيْدٍ الْغَسَّانِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ وَخَالِدٍ ، قَالا: ...
فذكر القصة مطولة ، وفيها :
" ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ جرجه : يا خالد، أخبرني إلام تَدْعُونِي ؟
قَالَ : إِلَى شِهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا
عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَالإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ،
قَالَ : فَمَنْ لَمْ يُجِبْكُمْ ؟
قَالَ : فَالْجِزْيَةُ وَنَمْنَعُهُمْ .
قَالَ : فَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا ؟
قَالَ : نُؤْذِنْهُ بِحَرْبٍ ، ثُمَّ نُقَاتِلُهُ .
قَالَ : فَمَا مَنْزِلَةُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيكُمْ وَيُجِيبُكُمْ إِلَى هَذَا
الأَمْرِ الْيَوْمَ؟
قَالَ : مَنْزِلَتُنَا وَاحِدَةٌ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا ، شَرِيفُنَا
وَوَضِيعُنَا ، وَأَوَّلُنَا وَآخِرُنَا.
ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ جرجةُ : هَلْ لِمَنْ دَخَلَ فِيكُمُ الْيَوْمَ يَا خَالِدُ
مِثْلُ مَا لَكُمْ مِنَ الأَجْرِ وَالذَّخْرِ ؟
قَالَ: نَعَمْ ، وَأَفْضَلُ .
قَالَ : وَكَيْفَ يُسَاوِيكُمْ وَقَدْ سَبَقْتُمُوهُ ؟
قَالَ: إِنَّا دَخَلْنَا فِي هَذَا الأَمْرِ ، وَبَايَعْنَا نَبِيَّنَا صلى الله
عليه وسلم وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، تَأْتِيهِ أَخْبَارُ السَّمَاءِ
ويخبرنا بِالْكُتُبِ ، وَيُرِينَا الآيَاتِ ، وَحَقٌّ لِمَنْ رَأَى مَا رَأَيْنَا ،
وَسَمِعَ مَا سَمِعْنَا ، أَنْ يُسْلِمَ وَيُبَايِعَ ، وَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ لَمْ
تَرَوْا مَا رَأَيْنَا ، وَلَمْ تَسْمَعُوا مَا سَمِعْنَا مِنَ الْعَجَائِبِ
وَالْحُجَجِ ، فَمَنْ دَخَلَ فِي هَذَا الأَمْرِ مِنْكُمْ بِحَقِيقَةٍ وَنِيَّةٍ
كَانَ أَفْضَلَ مِنَّا ..." إلى آخر القصة .
وهذا الخبر : إسناده واه جدا :
- أبو عثمان يزيد بن أسيد لم نجد له ترجمة .
- سيف بن عمر متروك متهم ، قال ابن حبان : " اتهم بالزندقة ، يروى الموضوعات عن
الأثبات " ، وقال الحاكم : " اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط " ، ينظر:
"المجروحين" (1/345) ، " تهذيب التهذيب " (4/260) .
- شعيب ، وهو ابن إبراهيم الكوفي ، قال الذهبي : " راوية كتب سيف عنه ، فيه جهالة "
.
انتهى من "ميزان الاعتدال" (2/ 275) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الإصابة" (1/ 633) في ترجمة جرجة :
" ذكر سيف بن عمر في الفتوح أنه أسلم على يدي خالد بن الوليد ، واستشهد باليرموك ،
وذكر قصّته أبو حذيفة إسحاق بن بشر في الفتوح أيضاً ، لكن لم يسمّه " انتهى .
وإسحاق بن بشر هذا تالف ، قال الذهبي : " تركوه ، وكذبه علي بن المديني ، وقال ابن
حبان: لا يحل حديثه إلا على جهة التعجب ، وقال الدارقطني : كذاب متروك .
قلت - أي الحافظ الذهبي - : يروى العظائم عن ابن إسحاق وابن جريج والثوري " .
انتهى من " ميزان الاعتدال " (1/184) .
وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله :
" على أن حاجة التاريخ إلى معرفة أحوال ناقلي الوقائع التاريخية ، أشد من حاجة
الحديث إلى ذلك ؛ فإن الكذب والتساهل في التاريخ أكثر " انتهى من "علم الرجال
وأهميته" (ص 24) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (83121)
، (201514) .
والله تعالى أعلم .