الحمد لله.
" الشياطين من الجن ، وهم متمردوهم وأشرارهم ، كما أن شياطين الإنس هم متمردو الإنس
وأشرارهم ، فالجن والإنس فيهم شياطين ، وهم متمردوهم وأشرارهم ، من الكفرة والفسقة
، وفيهم المسلمون من الأخيار الطيبين ، كما في الإنس الأخيار الطيبون، قال الله
تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ
وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ
شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) الأنعام/122 " انتهى
من" فتاوى نور على الدرب " لابن باز (1/ 222) .
راجع إجابة السؤال رقم : (108679) .
ثانيا :
سخر الله تعالى لعبده ونبيه سليمان عليه السلام كل طوائف الجن مؤمنهم وكافرهم .
قال عز وجل : ( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) النمل/ 17 .
قال السعدي رحمه الله :
" أي : جمع له جنوده الكثيرة الهائلة المتنوعة من بني آدم ، ومن الجن والشياطين ومن
الطيور ( فهم يوزعون) يدبرون ويرد أولهم على آخرهم ، وينظمون غاية التنظيم في سيرهم
ونزولهم وحلهم وترحالهم قد استعد لذلك وأعد له عدته .
وكل هذه الجنود مؤتمرة بأمره لا تقدر على عصيانه ولا تتمرد عنه " .
انتهى من " تفسير السعدي " (ص 602) .
وظاهر النصوص أن الله تعالى
قد سخر الجن لسليمان ، عامتهم ، مؤمنهم وكافرهم ، يأتمرون بأمره ، ولا يخرجون عن
طاعته ؛ أما مؤمنهم ، فيأتمر في ذلك ، طاعة لربه ، وأما كافرهم فمسخر ، على كره
منهم ، إلا أنهم لا يستطيعون أن يخالفوه ، قال تعالى ( وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ
أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِير) سبأ/12، وقال تعالى أيضا : (
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ *
وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي
الْأَصْفَادِ ) ص/36-38 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" ليس أحدٌ من الناس تطيعه الجن طاعة مطلقة ، كما كانت تطيع سليمان بتسخير من الله
وأمر منه من غير معاوضة ، كما أن الطير كانت تطيعه ، والريح ؛ قال تعالى: (
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيح غُدُوُّها شَهرٌ وَرَوَاحُهَا شَهرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ
عَيْنَ القِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ
وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِير )
والجن كالإنس ، فيهم المؤمن المطيع ، والمسلم الجاهل ، أو المنافق ، أو العاصي ،
وفيهم الكافر " انتهى من "النبوات" (2/ 1014) .
والله أعلم .