كيف أصلح ما أفسده الأولون من حرمان البنات من الميراث؟
نحن عائلة اعتاد الأجداد الأولون تقريبا من الجد الخامس أن لا يعطوا الميراث لبناتهم وأخواتهم ، واليوم انتقل الميراث ، وتفرع على الورثة الذكور دون الإناث .
وهؤلاء الورثة يسألون كيف يصلحون ما أفسده الآباء والأجداد ؟
للعلم أن العمات متوفيات لم يبق إلا أبناء أبناء العمات .
نحن في حيرة من أمرنا بعض الورثة موافق على تسوية الأمر ، ولكن كيف يتم ذلك ؟
والبعض الآخر من الورثة يقول : لا أعطي لأحد ، والأولون يتحملون المسؤولية .
هل يجوز لي أن آخذ ما وصل إلي عن طريق الميراث الذي حرم منه العمات ؟ أم أترك هذا الميراث المشبوه ؟ أم ماذا أفعل ؟
الجواب
الحمد لله.
ظلم الإناث في الميراث إثم كبير ، وعمل من أعمال الجاهلية ، كما أن فيه ظلما
للأقارب الذين أمر الله تعالى بصلتهم والإحسان إليهم .
فعلى المسلم أن يجتهد في ارجاع الحقوق إلى أصحابها ، فهذه الحقوق المالية لا تسقط
بمرور الزمان وتقادمه ، إلا أن يعفو صاحب الحق ويتنازل عن حقه .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَالَ : ( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ،
فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ
لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ
سَيِّئَاتِ أَخِيهِ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ) رواه البخاري ( 6534 ) .
وكون الأجداد هم الذين ظلموا ؛ لا يعطي الحق للأحفاد في تملك ما أخذ من غيرهم ظلما
وعدوانا ، ولا يرفع عنهم المسؤولية في إرجاع ما تحت أيديهم من المظالم لأصحابها .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يحل لأحد أن يأخذ شيئا ليس من حقه ولو
كان ذلك بحكم القاضي .
فعن أُمِّ سَلَمَةَ ـرضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ
: ( إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ
بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ ،
فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا
أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ) رواه البخاري (2680).
فعليك أن تقنع إخوتك بإصلاح هذه القسمة الظالمة ، فيقسم ما تركه الجد على ورثته
ذكورا وإناثا ، ثم تنتقل تركة كل واحد من هؤلاء إلى ورثته .
فإن أبى إخوتك ذلك فعليك أن تخلص أنت نفسك من الحرام ، فتحسب التركة بالطريقة
السابقة ، وتأخذ منها نصيبك فقط ، وما زاد عنه فإنك ترده إلى أصحابه ، وبهذا تبرأ
ذمتك وتكون قد أديت الحق إلى أصحابه .
فإن أبوا ؛ فأخرج أنت من مالك ما ليس من حقك وأرجعه إلى أصحابه .
أمّا كيف تصلح هذه القسمة ؟ فالأفضل أن تلجئ إلى مكتب تقسيم التركات في المحكمة ،
أو إلى أهل العلم في بلدك ممن يتقن قسمة التركات ، واطرح قضيتك بتفاصيلها وستعاد
القسمة ، وحصص عماتك اللاتي توفين تقسم على ورثتهن الذين كانوا أحياء وقت وفاتهن .
والله أعلم .