الحمد لله.
ثانياً:
الاستمناء من محظورات الإحرام ، إلا أنه لا يفسد النسك ، عند جمهور العلماء ، سواء
كان ذلك قبل التحلل الأول ، أو بعده ؛ لعدم الدليل على فساد النسك بذلك ، ولا يصح
قياسه على الجماع في الفرج ، لوجود فوارق بينهما.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (4/102) : " لا يفسد الحج بالاستمناء باليد عند
الحنفية والشافعية والحنابلة ...." انتهى.
وقال النووي ـ رحمه الله ـ في "المجموع" (7/307): " الاستمناء باليد فحرام بلا خلاف
[ يعني في المذهب ] ; لأنه حرام في غير الإحرام ؛ ففي الإحرام أولى .
فإن استمنى المحرم فأنزل : فهل تلزمه الفدية ؟
فيه وجهان : الصحيح : المشهور لزومها..
والثاني : لا فدية .. والأصح وجوب الفدية ...
ثم قال ـ رحمه الله ـ أيضاً : (7/417) : " فإن قلنا بالفدية : فهي فدية الحلق ، كما
قلنا في مباشرة المرأة بغير الجماع ، ولا يفسد حجه بالاستمناء بلا خلاف " انتهى.
وقال ـ رحمه الله ـ : " مذهبنا أن فدية الحلق على التخيير بين شاة ، وصوم ثلاثة
أيام ، وإطعام ثلاثة آصع لستة مساكين , كل مسكين نصف صاع .." انتهى من " المجموع
"(7/389) ، وينظر : "الشرح الممتع"(7/167).
وبناء عليه : فحجه صحيح ،
إلا أنه يلزمه فدية أذى ، على ما سبق بيانه .
وينظر جواب السؤال رقم : (206010).
ثالثا :
لا يلزمه أكثر من فدية واحدة ؛ لأن المحظور الثاني من جنس المحظور الأول ، فتداخلا
، وهذا إذا كان قد استمنى المرة الثانية ، قبل أن يخرج كفارة المرة الأولى ؛ فإن
كان قد أخرج الفدية ، ثم عاد واستمنى مرة ثانية : لزمته فدية أخرى ، ولا تدخل في
الفدية السابقة ، ولا يحل له أن يؤخر إخراج الكفارة الأولى ، ليخرج كفارة واحدة .
قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ : " وإذا حلق ثم حلق ، فالواجب فدية واحدة ، ما لم
يكفر عن الأول قبل فعل الثاني ، فإن كفر عن الأول ثم حلق ثانيا ، فعليه للثاني
كفارة أيضا.." انتهى من " المغني "(3/260) ، وينظر " المجموع " (7/394) ، و "
الموسوعة الفقهية " (11/90).
قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : ".. لكن بشرط ألا يؤخر الفدية ؛ لئلا تتكرر
عليه ، بحيث يفعل المحظور مرة أخرى ، فيعاقب بنقيض قصده ، لئلا يتحيل على إسقاط
الواجب .
مثاله : أن يقلم مرتين ، أو يلبس مخيطاً مرتين ، أو يحلق مرتين، أو يباشر مرتين أو
أكثر وهو من جنس واحد ، فإن عليه فدية واحدة إذا لم يفد ، قياساً على ما إذا تعددت
أحداث من جنس واحد ، فيكفيه وضوءٌ واحد " انتهى من "الشرح الممتع" (7/190).
والله أعلم .