الحمد لله.
حقيقة هذه المعاملة هي أنها مما يسمى بـ " بيع المرابحة للآمر بالشراء" .
وقد سبق بيان أنه هذه المعاملة
تكون جائزة إذا توفر شرطان :
الأول : أن يتملك البنك هذا البيت قبل أن يبيعه على الموظف ، فيشتري البيت لنفسه
شراء حقيقيا ، قبل أن يبيعه على الراغب في شرائه .
الثاني : أن يقبض البنك البيت قبل بيعه على العميل . بأن يقوم البائع بتخلية البيت
وتمكين البنك منه.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة .
جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي : "بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور ، وحصول القبض المطلوب شرعاً ، هو بيع جائز ، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم ، وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم ، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه " انتهى من " مجلة المجمع " (5/2/753، 965).
ويخشى البنك إن اشترى البيت أن يعدل الموظف عن شرائه فيتضرر البنك بسبب ذلك ، فيشترط البنك حين شرائه للبيت أن يكون له الخيار مدة محددة ، له الحق في رد البيع وفسخ العقد خلال هذه المدة ، كعشرين يوما مثلا ، وهذا لا بأس به ، لأن البيع بشرط الخيار هو بيع تام الأركان.
وقد نص العلماء رحمهم الله تعالى على جواز هذه المعاملة .
جاء في "المبسوط" للسرخسي (30/ 237) :
" رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ اشْتَرَاهَا الْآمِرُ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ فَخَافَ الْمَأْمُورُ إنْ اشْتَرَاهَا أَنْ لَا يَرْغَبَ الْآمِرُ فِي شِرَائِهَا قَالَ: يَشْتَرِي الدَّارَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِيهَا وَيَقْبِضُهَا ثُمَّ يَأْتِيهِ الْآمِرُ فَيَقُولُ لَهُ قَدْ أَخَذْتهَا مِنْك بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ فَيَقُولُ الْمَأْمُورُ هِيَ لَك بِذَلِكَ ... وَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ الْآمِرُ فِي شِرَائِهَا يُمَكِّنُ الْمَأْمُورَ مِنْ رَدِّهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَيَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْهُ بِذَلِكَ" انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله وهو يذكر أن هناك بعض الحيل المباحة التي تجعل الإنسان يصل إلى حقه بلا مخالفة للشرع ، قال :
" المثال الحادي بعد المائة: رجل قال لغيره : اشتر هذه الدار أو هذه السلعة من فلان بكذا وكذا ، وأنا أربحك فيها كذا وكذا ، فخاف إن اشتراها أن يبدو للآمر ، فلا يريدها ، ولا يتمكن من الرد. فالحيلةُ :أن يشتريها على أنه بالخيار ثلاثة أيام أو أكثر ثم يقول للآمر : قد اشتريتها بما ذكرت ، فإن أخذها منه ، وإلا تمكّن من ردها على البائع بالخيار" . انتهى من " إعلام الموقعين " (4/ 29) .
وجاء في قرارات "الهيئة الشرعية لبنك البلاد" ( الضابط 12 ) :
" يجوز للبنك في عقد المرابحة عند شرائه للسلعة من البائع الأول أن يأخذها بخيار الشرط – خشية عدول العميل – ثم يعرضها للآمر بالشراء خلال مدة الخيار ولا يعد عرضها فسخا لذلك الخيار ، فإن رغبها الآمر بالشراء وإلا ردها البنك إلى البائع الأول " انتهى .
أما إذا كان البنك لا يشتري البيت من مالكه وإنما يعقد معه اتفاقية على أنه راغب في الشراء ، ويلتزم مالك البيت بعدم بيع البيت خلال المدة المتفق عليها ، فهذا الاتفاق لا يعني أن البيت صار مملوكا للبنك ، فإن باعه على الموظف بعد ذلك فقد باع البيت قبل أن يدخل في ملكه وذلك ممنوع كما سبق .
والله أعلم