حديث : ( يا ابن آدم ! لك هواك ولي هواي ، ولا يكون إلا هواي ) حديث باطل لا أصل له .
ما صحة الحديث القدسي التالي الذي يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي: يقول رب العزة " يا ابن آد م، لك هواك ولي هواي ولا يكون إلا هواي ، إذا أطعت هواي منحتك هواك وإن خالفت هواي حرمتك من هواك ولا يكون إلا هواي " ؟
وهل يوجد حديث بهذا المعنى ؟
الجواب
الحمد لله.
هذا الكلام المذكور ليس بحديث ، وليس في السنة المطهرة حديث بهذا المعنى ، وهو متن
منكر ؛ وذلك لما يلي :
- أنه لا يجوز إطلاق الهوى على الله تعالى ؛ لأن أسماء الله وصفاته توقيفية ، وقد
قال الإمام أحمد رحمه الله : " لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله
، لا يتجاوز القرآن والحديث " انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/26) .
وليس في الكتاب والسنة وصف الله تعالى بأنه يهوى .
راجع لذلك جواب السؤال رقم : (48964) .
- أن الهوى لا يرد في نصوص الشرع إلا على الذم غالبا ، وهو في مقابل الهدى ، قال
تعالى : ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ
جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ) النجم/ 23 ، وقال عز وجل : ( بَلِ اتَّبَعَ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ
اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) الروم/ 29 .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" لم يذكر الله تعالى الهوى في كتابه إلا ذمه ، وكذلك في السنة لم يجئ إلا مذموما
إلا ما جاء منه مقيدا كقوله : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) -
حديث ضعيف - وقد قيل الهوى كمين لا يؤمن ، قال الشعبي : وسمي هوى لأنه يهوي بصاحبه
، ومطلقه يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في العاقبة ، ويحث على نيل الشهوات
عاجلا وإن كانت سببا لأعظم الآلام عاجلا وآجلا ، فللدنيا عاقبة قبل عاقبة الآخرة ،
والهوى يعمي صاحبه من ملاحظتها " .
انتهى من "روضة المحبين" (ص 469-470) .
ويغني عن ذلك الكلام الباطل : حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ
جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ
الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ
فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ
الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ ) .
رواه الترمذي (2465) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
والله أعلم .