الوساطة في عقد استصناع
أرغب بشراء عقار يقع ضمن مشروع سكني لا يزال قيد الإنشاء ، والهدف من شراء هذا العقار القيام ببيعه بعد مدة قصيرة لتحقيق الربح ، وعند توقيع عقد البيع والشراء مع صاحب المشروع أدفع نسبة معينة يتفق عليها من قيمة العقار ، وبعد ذلك أقوم بالبحث عن مشتر آخر وبيعه العقار مرة أخرى وتحقيق الربح ، ولكن في هذه الحالة يكون عقد البيع والشراء بين المشتري الجديد وصاحب العقار فقط ، وهذه من العمليات المنتشرة بين الجميع هنا، فهل هذا النوع من العمليات جائز شرعاً ؟ وإن لم يكن جائزاً فما الذي يجب تعديله في العملية حتى تصبح وفقاً لأحكام الشريعة ؟
وما حكم أخذ عمولة في حال كنت الوسيط بين المشتري الأول والمشتري الثاني في هذه العملية؟ وإن كان الحكم عدم الجواز فما الذي يجب فعله حتى تصبح العمولة جائزة شرعاً ؟
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
يجوز شراء العقارات تحت الإنشاء نقدا أو بالتقسيط ، وهو صورة من صور عقد الاستصناع
،
وعقد الاستصناع يشبه عقد السلم ولكنه أوسع منه في بعض الأحكام ، في عقد السلم يجب
تقديم الثمن كله دفعة واحدة ، وفي عقد الاستصناع يجوز تقديم الثمن أو تقسيطه . وقد
سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (136921)
.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (25/192) : " يجوز عقد الاستصناع - وهو عقد مقاولة مع
أهل الصّنعة على أن يعمل شيئاً - مع أنّه يخالف القواعد ؛ لأنّه عقد على المعدوم ،
إلاّ أنّه أجيز للحاجة الماسّة إليه وفي منعه مشقّة وإحراج " انتهى .
أما بيعك للعقار فلا يجوز لك أن تبيعه حتى تستلمه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم :
( نهى أن يبيع الرجل ما ليس عنده) رواه الترمذي (1232) ، والنسائي (4613) ، وأبو
داود (3503) ، وابن ماجه (2187) ، وأحمد (14887) ، وصححه الألباني في "إرواء
الغليل" (1292). ونهى عن ربح ما لم يضمن . رواه الترمذي (1234) وقال : وَهَذَا
حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وأبو داود (3504) ، والنسائي (4629) ، وابن ماجه (2188) ،
وأحمد (6591) ، وصححه الألباني في " الصحيحة" (1212) ، وأنت إلى الآن لم يدخل
العقار في ملكك ، وتربح في شيء لم يدخل في ضمانك .
وانظر جواب السؤال رقم : (169750) ، (155449)
.
والطريق لتصحيح هذه المعاملة : أن تفسخ العقد الذي بينك وبين البائع (صاحب العقار)
، ثم يعقد البائع عقدا جديدا مع هذا المشتري ، وتكون أنت مجرد وسيط في هذا العقد .
والظاهر من سؤالك أن هذا هو الذي يقع ، لأنك ذكرت أن العقد يكون بين المالك
والمشتري مباشرة .
وأما المقدم الذي دفعته فيكون صاحب العقار قد أجاز لك أن تأخذه من المشتري ، وتأخذ
منه أيضا ربحا مقابل هذه الوساطة ، وهذا لا بأس به .
ثانيا:
أما توسطك بين المشتري الأول والثاني ، فهذه الوساطة - وهي ما تعرف بالسمسرة -
جائزة على الصحيح من أقوال أهل العلم ، ويأخذ الوسيط أجره من أحد الطرفين أو منهما
حسب ما يتم الاتفاق عليه .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم أخذ الأجرة على السمسرة ؟
فأجاب رحمه الله بقوله : " لا حرج ، أخذ الأجرة ، كونه يكون دلالا يبيع البيوت ،
يبيع الأراضي ، يبيع الإبل ، يبيع الغنم ، يبيع الرقيق ويأخذ أجرة ، لا بأس " .
انتهى من موقع الشيخ ابن باز رحمه الله .
http://www.binbaz.org.sa/mat/13035
وما دام يجوز للمشتري الأول أن يبحث عمن يشتري هذا العقار ويفسخ هو عقده مع المالك
، فلا حرج عليه أن يبحث عن مشتر آخر بنفسه أو عن طريق وسيط .
وبناء عليه ؛ فلا حرج عليك أن تكون وسيطا في هذه المعاملة .
والله أعلم .