الحمد لله.
لكن المشروع للمسلم ألا يصاحب إلا مؤمنا تقيا ؛ يأمره
بالخير ، ويدعوه إليه ، ويعينه عليه ، وينهاه عن المنكر ، ويصرفه عنه .
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم يَقُولُ : ( لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ
إِلاَّ تَقِيٌّ ) .
رواه الترمذي ( 2395 ) ، وحسنه الألباني في " صحيح سنن الترمذي " ( 2395 ) .
وأما صاحب السّوء ، فلا يكاد ينجو صاحبه من شره ، أو
يجره إليه !!
عَنْ أَبِي مُوسَى رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (
مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ
، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ،
وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ
يُحْرِقَ ثِيَابَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ) .
رواه البخاري ( 5534 ) .
وأهمية الصحبة الصالحة للمسلم ، وخطر الصحبة السيئة :
يشير إليها أيضا حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم قَالَ : ( كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً
وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى
رَاهِبٍ ، فَأَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ،
فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ : لاَ ، فَقَتَلَهُ ، فَكَمَّلَ بِهِ
مِائَةً ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ
عَالِمٍ . فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟
فَقَالَ نَعَمْ ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ؟ انْطَلِقْ إِلَى
أَرْضِ كَذَا وَكَذَا . فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ
اللَّهَ مَعَهُمْ ، وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ ... )
رواه مسلم ( 2766 ) .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى :
" قال العلماء : في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب ،
والأخدان المساعدين له على ذلك ومقاطعتهم ما داموا على حالهم وأن يستبدل بهم صحبة
أهل الخير والصلاح والعلماء والمتعبدين الورعين ومن يقتدي بهم وينتفع بصحبتهم ،
وتتأكد بذلك توبته " انتهى من " المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج " ( 17 / 83 ) .
وصداقة الكفار والفساق ، وإن يكن فيها سرور دنيوي :
إلا أنها تنقلب عداوة في الآخرة ، إذا لم تكن في الله ، وعلى مرضاته . قال الله
تعالى : ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا
الْمُتَّقِينَ ) الزخرف / 67.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
" وإن ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ ) أي: يوم القيامة ، المتخالين على الكفر
والتكذيب ومعصية الله ( بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) ؛ لأن خلتهم ومحبتهم في
الدنيا لغير الله ، فانقلبت يوم القيامة عداوة ، ( إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) للشرك
والمعاصي ، فإن محبتهم تدوم وتتصل ، بدوام من كانت المحبة لأجله " انتهى " تيسير
الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 906 ) .
والحاصل : أن مصاحبة أمثال هؤلاء الفتيات : خطر عظيم على دينك وخلقك ؛ لأن معاصيهن مما تتعلق بها شهوات النفوس ، وهذه الشهوات من خالط أصحابها : لا يكاد ينجو منها ، ولا يكاد يسلم دينه ، إلا ما شاء الله .
فعليك أيتها الأخت الكريمة ؛ أن تنصحيهن بأن يتُبن
ويُقبلن على الله تعالى ، فإن لم يستجبن : فلا تبالي بهن ، ولا يكن لك عناية بأمرهن
، ولا صداقتهن .
والذي ننصحك هنا به : أن تجعلي اجتماعك معهن فقط : من أجل الدعوة إلى الخير ،
والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، فإن أثر ذلك فيهن ، وانتفعن بذلك : فبها
ونعمت ، والحمد لله ، وإلا ، فسوف تشعرين بفتور العلاقة تلقائيا ، من الطرفين ،
خاصة مع عدم حرصك أنت عليهن ، وهن على هذه الحال ، وانقطاعك عن مجالسهن ، وأحاديثهن
!!
ثم اعلمي أن من ترك شيئا طاعة لله عوضّه الله خيرا .
قال الله تعالى :
( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ
أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق / 2 – 3 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
" والآية ، وإن كانت في سياق الطلاق والرجعة ، فإن العبرة بعموم اللفظ ، فكل من
اتقى الله تعالى ، ولازم مرضاة الله في جميع أحواله ، فإن الله يثيبه في الدنيا
والآخرة.
ومن جملة ثوابه : أن يجعل له فرجًا ومخرجًا من كل شدة ومشقة .
وكما أن من اتقى الله ، جعل له فرجًا ومخرجًا ، فمن لم يتق الله ، وقع في الشدائد
والآصار والأغلال ، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها " .
انتهي من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 1026 ) .
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ ، وَأَبِي الدَّهْمَاءِ ، قَالَا : " أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ
مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقُلْنَا : هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا ؟ قَالَ: نَعَمْ ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ : (
إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ ، إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ
خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ ) رواه الإمام أحمد في مسنده ( 38 / 170 ) ، وقال الألباني :
سنده صحيح على شرط مسلم . " سلسلة الأحاديث الضعيفة " ( 1 / 62 ) .
فثقي بالله تعالى واعلمي أن تركك لصاحبات السوء طاعة
لله خير لك في دينك ودنياك .
كما يمكنك أن تستأذني من والديك في الالتحاق بحلق تحفيظ القران الموجهة للنساء ،
وكذا بالدروس العلمية التي تقام للنساء في المساجد ، أو تجعلين جلوسك في مكان
دراستك : في أماكن الأخوات الصالحات الملتزمات ، ومصليات النساء .
فستستفيدين إن شاء الله تعالى ، وتجدين من الصاحبات الصالحات ما يغنيك عن صاحبات
السوء .
والله أعلم .