حكم قول : " الله يستاهل الحمد " .
كثر عند أغلب الموظفين كلمة " الله يستاهل الحمد " ، وكنت أنكر هذه اللفظة ، ولكن البعض يريد حجة تقنعه ، فما حكم هذه الكلمة ؟
الجواب
الحمد لله.
اختلف أهل اللغة في قول القائل : " فلان يستأهل كذا " هل يصح ؟ على قولين ،
والأكثرون على صحة ذلك ، ومعناه : فلان يستحق كذا .
قال ابن منظور رحمه الله :
" قال الأَزهري : وخطَّأَ بعضُهم قولَ مَنْ يَقُولُ : فُلَانٌ يَسْتَأْهِل أَن
يُكْرَم أَو يُهان ، بِمَعْنَى يَسْتحق ، قَالَ : وَلَا يَكُونُ الاسْتِئْهَال
إِلَّا مِنَ الإَهالَة ، قَالَ: وأَما أَنا فَلَا أُنكره وَلَا أُخَطِّئُ مَنْ
قَالَهُ ؛ لأَني سَمِعْتُ أَعرابيّاً فَصِيحاً مِنْ بَنِي أَسد يَقُولُ لِرَجُلٍ
شَكَرَ عِنْدَهُ يَداً أُولِيَها: تَسْتَأْهِل يَا أَبا حَازِمٍ مَا أُولِيتَ ،
وَحَضَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعراب فَمَا أَنكروا قَوْلَهُ ، قَالَ:
ويُحَقِّق ذَلِكَ قولُه تعالى :( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) "
انتهى من " لسان العرب " (11/ 30) .
وقال الفيرزآبادي فقال :
" واسْتَأْهَلَهُ : اسْتَوْجَبَهُ ، لُغَةٌ جَيِّدَةٌ ، وإنْكارُ الجوهريِّ باطِلٌ
" .
انتهى من " القاموس المحيط " (ص 964) .
وقال الفيومي :
" وَيُقَالُ : اسْتَأْهَلَ بِمَعْنَى اسْتَحَقَّ " انتهى من المصباح المنير" (1/
28) .
وقد استعمل العلماء هذه الكلمة ( يستأهل) بهذا المعنى ( يستحق) ، فمن ذلك : قول
شعبة : " إن كان أحد يستأهل أن يسود في الحديث فمحمد بن إسحاق " .
انتهى من "الجرح والتعديل" (1/ 152) .
وقال يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ عن محمد بن كثير العبدي : " لَمْ يَكُنْ يَسْتَأْهِلُ
أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ " .
انتهى من "سير أعلام النبلاء" (8/ 436) .
وقال يَحْيَى بن سَعِيْدٍ القَطَّان : " لَوْ أَتَيتُ مُسَدَّداً , فَحَدَّثْتُه
فِي بَيتِهِ , لَكَانَ يَسْتَأْهِلُ " .
انتهى من "سير أعلام النبلاء" (9/ 15) .
وعلى هذا ، فقول القائل : الله يستاهل الحمد ، قول جائز ، صحيح المعنى ، لأن معناه
: الله يستحق الحمد ، وهذا حق ، قال الله تعالى : ( وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ
وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) القصص/70 .
وسئل الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله عن استعمال هذه العبارة فأجاب :
" المعنى : أنه تبارك وتعالى مُسْتَحِقّ للحمد . وهو للحَمْد أهْل .
وفي ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على ربِّـه تبارك وتعالى : ( أَهْلَ الثَّنَاءِ
وَالْمَجْدِ ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْد ) رواه مسلم .
...
قال الخطابي : " هو المحمود الذي استحق الحمد بِفعاله ، وهو الذي يحمد في السراء
والضراء ، وفي الشدة والرخاء ، لأنه حكيم لا يَجْرِي في أفعاله الغلط ، ولا يعترضه
الخطأ ، فهو محمود على كل حال " .
وقال البيهقي : " الحميد : هو المحمود الذي يَسْتَحِقّ الْحَمْد " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " قوله : ( أحقّ ما قَال العَبد ) : يقتضي أن حَمْد
الله أحقّ ما قَالَه العبد ، فَلَه الحمد على كل حال ؛ لأنه لا يَفعل إلاَّ الخير
والإحسان ، الذي يَستحق الحمد عليه سبحانه وتعالى ، وإن كان العباد لا يعلمون "
انتهى .
والله تعالى أعلم .
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?t=75807#gsc.tab=0
والله تعالى أعلم .