الحمد لله.
ثانيا :
ليس "جبل عير" من جبال جهنم ، وما ورد في ذلك لا يصح سنده .
فروى ابن ماجة (3115) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مِكْنَفٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يُحِبُّنَا
وَنُحِبُّهُ، وَهُوَ عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ ، وَعَيْرٌ عَلَى
تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ النَّارِ) .
وهذا إسناد ضعيف جدا ، قال البوصيري رحمه الله :
" هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف " انتهى من " مصباح الزجاجة " (3/ 218) .
وقال الألباني في " ضعيف ابن ماجة " : " ضعيف جدا " .
وانظر : "الضعيفة" (1820) .
وروى الطبراني في "الكبير" (6505) عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ أَبِي عَبْسِ بْنِ
جَبْرٍ، عَنْ أَبِيه ِ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أُحُدٌ هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ، عَلَى
بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، وَهَذَا عَيْرٌ يُبْغِضُنَا وَنُبْغِضُه ُ،
وَإِنَّهُ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ) .
وهذا إسناد ضعيف ، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/ 13):
" فِيهِ عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسٍ لَيَّنَهُ أَبُو حَاتِمٍ ، وَفِيهِ
مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُ " .
وضعفه الألباني في " الضعيفة " (1618).
أما صدر الحديث : ( أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ) فمتفق على صحته ، رواه
البخاري (2889) ، ومسلم (1365) .
ثالثا :
"جبل عير" داخل في حدود حرم المدينة ، لما روى البخاري (6755) ، ومسلم (1370) عن
عَلِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( المَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ )
" (18/ 106):
" عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ يَنْتَهِي حَرَمُ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ ،
وَيَبْدَأُ الْحِل مِنْ خَارِجِ الْحُدُودِ الَّتِي حَدَّهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالَّتِي هِيَ جَبَل عَيْرٍ وَثَوْرٍ، أَوِ
اللاَّبَتَانِ " انتهى .
فعير وثور داخلان في حرم المدينة ، فلا يجوز الصيد فيهما على مذهب جمهور الفقهاء .
رابعا :
لا صحة لما يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المبيت في جبل عير أو المبيت
حوله ، فإن ذلك لا أصل له . فلا حرج على أحد في المبيت فيه أو بجواره .
ولا حرج في بيع الأراضي التي تحيط بجبل عير أو شرائها ، إذا كان البائع يملكها ملكا
حقيقيا .
أما تسلقه والصعود فوقه فهو مباح ، لم يرد فيه نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وليس لجبل عير قصة تحكى ، ولا يعدو أن يكون معلما من المعالم ، نتعرف به وبغيره على
حدود حرم المدينة النبوية .
والله تعالى أعلم .