الحمد لله.
وقد سُئلت اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء : إذا هلك امرؤ وله ولد ، وترك مالا ، هل على واحد من أهل
الميت أن يدخر المال إلى حول السنة عن التوزيع ؟
فأجابت : " لا يجوز ادخارها عن التوزيع ، إلا لعذر شرعي " انتهى من " فتاوى اللجنة
الدائمة – المجموعة الأولى " (16/464) .
ثانيا :
عدم نفقة الأبناء على الأم وهي محتاجة للمال ، لا شك أنه من العقوق .
قال الله تعالى :
( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا
فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ،
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا
كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء / 23 – 24 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي
رحمه الله :
" ( وَقَضَى رَبُّكَ ) قضاء دينيا ، وأمر أمرا شرعيا ... ( وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا ) أي : أحسنوا إليهما بجميع وجوه الإحسان ، القولي والفعلي ، لأنهما سبب
وجود العبد ، ولهما من المحبة للولد والإحسان إليه ، والقرب ، ما يقتضي تأكد الحق
ووجوب البر " انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص/ 530 ) .
ومن الإحسانِ الواجبِ
النفقةُ على الوالدين عند حاجتهما لذلك .
ففي " الموسوعة الفقهية الكويتية " (41/74) :
" اتّفق الفقهاء على وجوب نفقة الأبوين المباشرين على الولد ؛ لقوله تعالى : (
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
) ، ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما .
ولقوله تعالى : ( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) ، ومن المعروف القيام
بكفايتهما عند الحاجة ... وقد حكى ابن المنذر الإجماع في هذا ، فقال : وأجمعوا على
أنّ نفقة الوالدين اللّذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد " انتهى .
فإذا لم ينفق عليها أولادها وهي فقيرة محتاجة ، فلها أن تأخذ هي من أموالهم ما
تحتاجه من النفقة ولو بغير إذنهم ؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، أن رجلاً
قال : يا رسول الله ، إنّ لي مالاً وولداً ، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي ، فقال
عليه الصلاة والسلام : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) رواه ابن ماجة ( 2291 ) ،
وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (3/323) .
قال الخطابي رحمه الله تعالى
:
" وقال له : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك ، أخذ
منك قدر الحاجة كما يأخذ من مال نفسه " انتهى من " معالم السنن " (3/166) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" إذا كان موسرا - الابن - وأبوه محتاجا ، فعليه أن يعطيه تمام كفايته ... ولأبيه
أن يأخذ من ماله ما يحتاجه بغير إذن الابن ؛ وليس للابن منعه " انتهى من " مجموع
الفتاوى " (34/102 ) .
فعلى هذا ، إن لم يكف ما مع الجدة من الأموال لإجراء العملية الجراحية ، فلها أن تأخذ من أموال أولادها ما يكفيها ، وتكون نفقتها واجبة على أولادها بمقدار إرثهم منها ، فيؤخذ من الذكر ضعف ما يؤخذ من الأنثى .
وإن أمكن رفع القضية إلى القضاء الشرعي ، وهو الذي يلزم أولادها بذلك ، فهو أفضل قطعا للنزاع ، فإن لم يمكن لضيق الوقت مثلا ، فلا حرج على والدتك أن تأخذ من أموال إخوانها وأخواتها بمقدار ما تحتاجه الجدة ، على أن يتم رفع الأمر إلى القضاء فيما يتعلق بالإنفاق عليها في المستقبل .
والله أعلم .