الحمد لله.
قال ابن الملقن في " البدر
المنير " (3/ 385): " إسناده جيد " ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .
لكن الحديث أعلَّه ابن رجب بقوله : " وأبو إسحاق هذا ، قال أحمد : ما أظنه السبيعي
. وذكر الترمذي في " العلل " أنه لا يعرف لقتادة سماعاً من أبي إسحاق الكوفي "
انتهى ، من " فتح الباري " - لابن رجب (5/ 226) .
وأعلّه - أيضا - من المعاصرين : الشيخ مُقِبل الوادعي ، رحمه الله في كتابه : "
أحاديث معلة ظاهرها الصحة " برقم (56) .
وقال محققو مسند الإمام أحمد ، ط الرسالة : " حديث صحيح دون قوله : " وله مثل أجر
من صلى معه " انتهى من "
حاشية المسند " (30/446) .
قال السندي رحمه الله :
" قَوْله : ( مَنْ صَلَّى مَعَهُ ) أَيْ : إِنْ كَانَ إِمَامًا ، أَوْ مَعَ إِمَامه
إِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا بِإِمَامٍ آخَر، لِحُكْمِ الدَّلَالَة ، لَكِنَّ هَذَا
يَقْتَضِي أَنْ يُخَصّ بِمَنْ حَضَرَ بِأَذَانِهِ ، وَالْأَقْرَب الْعُمُوم ،
َخْصِيصًا لِلْمُؤَذِّنِ بِهَذَا الْفَضْل ، وَفَضْل اللَّه أَوْسَع ، وَاَللَّه
تَعَالَى أَعْلَم " انتهى من " حاشية السندي على سنن النسائي " (2/ 13) .
ثانيا :
روى أبو داود (524) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَجُلًا ، قَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا ، فَقَالَ : رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا
انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وروى الطبراني في " الكبير" (802) عن مُعَاوِيَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ فَقَالَ
مِثْلَ مَا يَقُولُ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ) .
قال المنذري رحمه الله :
" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن
الْحِجَازِيِّينَ ، لَكِن مَتنه حسن ، وشواهده كَثِيرَة " انتهى من " الترغيب
والترهيب " (1/ 115) .
وضعفه الألباني في " ضعيف الترغيب والترهيب " (168) .
وعلى فرض ثبوت هذا اللفظ ،
والحديث الذي قبله : فليس معناه : أن له مثل أجره سواء بسواء ، ولكن : من حيث أصل
الأجر ، فالمِثْلية لا تقتضي المساواة من كل وجه .
قال المناوي رحمه الله :
" (فله مثل أجره) أي فله أجر كما للمؤذن أجر ، ولا يلزم منه تساويهما في الكم
والكيف " انتهى من " فيض القدير " (6/ 155) .
وهذا مثل قوله صلى الله عليه
وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ
، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ )
رواه البخاري (1976)، ومسلم (1159) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَوْله : ( مِثْل صِيَام الدَّهْر ) : يَقْتَضِي أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ لَا
تَسْتَلْزِمُ التَّسَاوِي مِنْ كُلّ جِهَة لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ هُنَا : أَصْلُ
التَّضْعِيفِ ، دُونَ التَّضْعِيفِ الْحَاصِلِ مِنْ الْفِعْل , وَلَكِنْ يَصْدُقُ
عَلَى فَاعِل ذَلِكَ أَنَّهُ صَامَ الدَّهْر مَجَازًا " انتهى من " فتح الباري "
(4/ 220) .
وروى الترمذي (2325) وصححه ،
عن أبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ ، عَبْدٍ
رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ
رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ ،
وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ
النِّيَّةِ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ
بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ... ) الحديث .
قال ابن القيم رحمه الله في " عدة الصابرين " (ص 255) :
" قوله (وأجرهما سواء) فإن كلا منهما نوى خيرا وعمل ما يقدر عليه ، فالغنى
نواه ونفذه بعلمه ، والفقير العالم نواه ونفذه بلسانه ، فاستويا في الأجر من هذه
الجهة ، ولا يلزم من استوائهما في أصل الأجر، استواؤهما في كيفيته وتفاصيله ، فإن
الأجر على العمل والنية ، له مزية على الأجر على مجرد النية التي قارنها القول ،
ومن نوى الحج ولم يكن له مال يحج به ، وإن أثيب على ذلك ؛ فإن ثواب من باشر أعمال
الحج مع النيه : له مزية عليه " انتهى .
وعلى ذلك : فلا يقال : " من
ردد الأذان خلف مؤذن الحرم كان له مثل أجر من صلى معه في الحرم " ، وإنما له مثل
أجر المؤذن من حيث أصل الأجر ، لا من حيث تضعيفه .
وهذا التخريج على فرض ثبوت الحديث ، وإلا فقد سبق الكلام في كلا اللفظين .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (149053) .
والله أعلم .