العلاقة بين اليهود وفرق الباطنية
لقد سمعت إشاعات تدعي بأن :
1) مؤسس الرافضة أسس هذا "المذهب" ليكون انشقاقات بين المسلمين مستغلا خلافاتهم في إمامة علي رضي الله عنه .
2) أنه يهودي أو من أصول يهودية ، أو حتى إنه له علاقات "بمنظمات سرية ".
هل هذه الإشاعات أو الادعاءات صحيحة ؟
الجواب
الحمد لله.
ذهب كثيرٌ من العلماء القدماء والمعاصِرين إلى أنَّ التشيُّع لعليِّ رضي الله عنه
بدأ بمقتل عثمان رضي الله عنه ، وأنَّ الذي بدأ غرسَ بذرة التشيُّع هو عبد الله بن
سبأ اليهودي ، في أواخر عهد عثمان رضي الله عنه ، وهذا باعتراف كتب الشِّيعة أنفسهم
.
ينظر مثلاً : " المقالات والفرق " للقمي (ص 20) ، و" فرق الشيعة " للنوبختي (ص 22)،
و" رجال الكشي " (ص 108).
وعبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ، وهو رأس الطائفة السبتيَّة التي كانت تقول
بألوهيَّة عليِّ رضي الله عنه .
وهو أول مَن قال بالنَّصّ على إمامة علي رضي الله عنه ، وقال برجعته قبل يوم
القيامة ، وأول من أظهر الطعن في الخلفاء الثلاثة والصحابة ، وكل هذه الاعتقادات من
أصول المذهب الرافضي .
وعبد الله بن سبأ كان يهوديًّا يتظاهر بالإسلام ، وأصله من اليمن .
وقد رحلَ لنشر فتنته إلى الحجاز، ثم البصرة ، فالكوفة ، ودخل دمشق في أيام عثمان بن
عفان رضي الله عنه ، فأخرجه أهلها ، فانصرف إلى مصر وجهر ببدعته .
وقد تناقل العلماء قديمًا وحديثًا أخبارَ فتنته وسعيَه في التآمر ودبّ الشقاقات بين
المسلمين ، هو وطائفته ، وهذا مبسوط في كتب الفِرَق والتاريخ والرجال ، عند أهل
السنة والشِّيعة أيضًا.
ينظر مثلاً: " مقالات الإسلاميِّين " لأبي الحسن الأشعري (1/ 32) ، " الملل
والنِّحَل " للشهرستاني (1/ 174) ، " تاريخ الطبري " (4/ 340) ، " المقالات والفرق
" للقمي الشيعي (ص 20) ، و" فرق الشيعة " للنوبختي (ص 22).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "وأول من ابتدع القول بالعصمة لعلي وبالنص
عليه في الخلافة : هو رأس هؤلاء المنافقين عبد الله بن سبأ ، الذي كان يهوديا فأظهر
الإسلام وأراد إفساد دين الإسلام كما أفسد بولص دين النصارى " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (4 /518).
فالقول بأن عبد الله بن سبأ اليهودي هو مؤسس المذهب الرافضي ، وأنه أسَّسه للسعي في
التآمر على المسلمين ، وتوسيع الشقاقات بينهم : قول صحيحٌ معتبرٌ ، امتلأت به كتب
التاريخ والفرق والمِلَل ، ولا ينكره الرافضة أنفسُهم.
وأما محاولة إنكار بعضهم لوجود شخصيَّة عبد الله بن سبأ ؛ فهي مجرَّد دعوى، يحاولون
بها الرَّد على ما انتشرَ عند خصومهم من تأسيس هذا اليهودي لمذهبهم .
وقد اتفق القدماء من أهل السنة والشِّيعة على السواء على أنَّ ابن سبأ شخصيَّة
تاريخيَّة واقعيَّة؛ فكيف يمكن نفي ما اتفق عليه الفريقان ؟!
وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة رسالة " عبد الله بن سبأ وأثره في إحداث الفتنة في
صدر الإسلام "، للدكتور سليمان بن حمد العودة ، وهي من أهمِّ الدراسات في هذا
الباب.
وينظر لمزيد من الفائدة كتاب: " أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية: عرض
ونقد"، للدكتور ناصر بن عبد الله القفاري (1/ 71، 82).
والله أعلم.