هل يمكن أن يصلي ركعتين بأكثر من نية ؟
هل يمكن دمج النية عند أداء صلاة النافلة ، كأن أصلي ركعتين ناويا بأن تكونا نافلة عن ركعتي الوضوء وسنة المغرب البعدية ؟
الجواب
الحمد لله.
تداخل العبادات قسمان :
القسم الأول :
يصح تداخل العبادات فيه ، وضابط ذلك: أن تكون إحدى العبادتين غير مرادة لذاتها ،
فهنا يجوز التداخل ، بحيث يكفي عن الفعلين فعل واحد فقط .
مثال ذلك : ركعتا تحية المسجد وركعتا الوضوء ونحوهما مما ليس مقصودا لذاته ؛ فيجوز
أن يصلي شخص ركعتين بنية ركعتي الوضوء ، ونية نافلة المغرب كما ذكر السائل ؛ لأن
المراد من ركعتي الوضوء أن يصلي المسلم عقب وضوئه ، سواء كانت صلاته راتبة ، أو
صلاة ضحى أو غيرها .
ومثل ذلك يقال في تحية المسجد ؛ لأن المراد منها أن لا يجلس الداخل للمسجد حتى يصلي
.
قال الشيخ خالد المشيقح : " تحية المسجد ليست مقصودة لذاتها فإنها تدخل مع غيرها
كالسنة الراتبة ، فإذا دخلت المسجد لصلاة الظهر فإنك تصلي ركعتين تنوي بهما السنة
الراتبة وتنوي تحية المسجد ، فإذا نويت تحية المسجد والسنة الراتبة حصل لك صلاتان
بركعتين ، وإذا توضأت وأتيت المسجد تنوي السنة الراتبة ، وتحية المسجد ، وركعتي
الوضوء يحصل لك ثلاث صلوات بركعتين فهذه من فوائد النية ، وكذلك إذا توضأ الإنسان
للضحى وصلى ركعتين ينوي بهما ركعتي الوضوء وركعتي الضحى يحصل له صلاتان بركعتين " .
انتهى من " العقد الثمين " (ص161) بترقيم الشاملة .
القسم الثاني :
لا يصح تداخل العبادات فيه ، وذلك فيما إذا كانت العبادتان مقصودتين ، فهنا لا يمكن
أن تُدخَل نيتان في فعل واحد .
مثّل لذلك الشيخ ابن عثيمين فقال : " إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس ، وجاء
وقت صلاة الضحى ، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى ، ولا الضحى عن سنة الفجر ،
ولا الجمع بينهما أيضا ؛ لأن سنة الفجر مستقلة وسنة الضحى مستقلة ، فلا تجزئ
إحداهما عن الأخرى . وكذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها فإنها لا تتداخل ، فلو
قال إنسان : أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة ، قلنا: لا يصح
هذا؛ لأن الراتبة تابعة للصلاة فلا تجزئ " .
وقال : " وهكذا أيضا سنة الطواف مع سنة الفجر، مثلا: لو انتهى الإنسان من طوافه بعد
أذان الفجر وقبل الإقامة، فنوى بالركعتين سنة الطواف وراتبة الفجر فإنها لا تغني
إحداهما عن الأخرى ؛ لأن سنة الطواف سنة مقصودة بذاتها ، وسنة الفجر سنة مقصودة
بذاتها " .
انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " .
وقال السيوطي نقلا عن النووي "... السنتين إذَا لَمْ تَدْخُل إحْدَاهُمَا فِي
الْأُخْرَى لَا يَنْعَقِد التَّشْرِيك بَيْنهمَا ، كَسُنَّةِ الضُّحَى وَقَضَاء
سُنَّة الْفَجْر ، بِخِلَافِ تَحِيَّة الْمَسْجِد وَسُنَّة الظُّهْر مَثَلًا ؛
لِأَنَّ التَّحِيَّة تَحْصُل ضِمْنًا " انتهى من " الأشباه والنظائر " (ص23) ،
وينظر " المجموع شرح المهذب " (5/57) .
وممن زاد هذه القاعدة بيانا وأفاض فيها ، العلامة ابن رجب رحمه الله في كتابه "
القواعد " (ص23) .
والله أعلم .