الحمد لله.
أولا :
الشيخ ذاكر نايك رجل فاضل ، يعمل في حقل الدعوة ، ويناظر اليهود والنصارى والبوذيين والهندوسيين ، ويظهره الله عليهم ، بما آتاه من موهبة الحفظ ، وقوة الحجة ، واستحضار البينة ، وقد أسلم على يديه خلق كثير ، ويجب التثبت فيما ينقل عنه، فيؤخذ ما وافق الحق ويترك ما عداه .
ثانيا :
أما هذا الكلام المذكور ، وهو أن الله تعالى خير البشر قبل نشأة الحياة الدنيا بين أن يكونوا بشرا أو ملائكة ، فاختاروا أن يكونوا بشرا ، ثم أنساهم الله اختيارهم هذا :
فهذا الكلام مردود وذلك من عدة أوجه :
- أنه كلام لا دليل عليه ، وكل كلام في دين الله بغير دليل ولا بينة فهو مردود على صاحبه ، يجب على صاحبه الحذر منه ، والتوقي من مغبته ، قال الله تعالى: ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/36
- أن هذا الكلام يخالف قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) القصص/ 68
قال ابن كثير رحمه الله :
" يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِالْخَلْقِ وَالِاخْتِيَارِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ مُنَازِعٌ وَلَا مُعَقِّبٌ فَقَالَ: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ) أَيْ: مَا يَشَاءُ، فَمَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَالْأُمُورُ كُلُّهَا خَيْرُهَا وَشَرُّهَا بِيَدِهِ، وَمَرْجِعُهَا إِلَيْهِ.
والْمَقَام فِي بَيَانِ انْفِرَادِهِ تَعَالَى بِالْخَلْقِ وَالتَّقْدِيرِ وَالِاخْتِيَارِ، وَأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي ذَلِكَ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 251)
فلم يخير الله تعالى بني آدم حين خلقهم بين أن يكونوا بشرا أو ملائكة ، إنما صيرهم بشرا بمحض إرادته وقدرته وحكمته سبحانه ، وكيف يخيرهم وقد كانوا عدما قبل أن يخلقهم ؟!
- أنه يخالف قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/ 30
فهذا واضح في أن الله لما أراد أن يخلق خلقا آخر ، سوى الملائكة ، أخبرهم به ، فقالت الملائكة ما قالت . فهذا واضح أن الله تعالى قد أراد لهذا المخلوق ، من أول أمره ، ومن قبل أن يخلقه ، ألا يكون من الملائكة ، بل هو خلق آخر سواهم .
وعلى كل : فهذا أمر بين البطلان ، لا يحتاج إلى استكثار في رده ، ويكفي أنه من القول بغير علم ، ولا دليل ولا برهان يدل على صحته .
والله تعالى أعلم .