لم يثبت أن من لبس لباساً جديداً يوم الجمعة ، فإنه يُعفى من السؤال عن اللباس يوم القيامة
سمعت أن من لبس لباساً جديداً يوم الجمعة فإنه يُعفى من السؤال عن اللباس يوم القيامة ، فهل هذا صحيح أم لا ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
هذا الكلام لا أصل له في الشرع ، ولا يجوز أن ينسب إليه . – وفيما نعلم- لم يرد هذا
الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، ولا نعرف أحدا من
العلماء قال ذلك .
ثم هذا الكلام مع كونه لا أصل له في الشرع ، فهو مخالف لما عُرف في الشرع من أن
الإنسان سيسأل يوم القيامة عن ثيابه ويحاسب عليه .
فيُسأل أولا : كيف حصل على هذه الثياب ؟ هل اشتراها بمال حلال أو حرام ؟ هل أخذها
على سبيل الرشوة من أحد ... إلخ ؟
ثم يُسأل أيضا عن نوع الثياب هل كان مباحا أو حراما ؟ كثياب الحرير ، فإنها محرمة
على الرجال .
ثم يسأل عن قصده من لبس هذه الثياب ، هل كان قصده أن يستر عورته ويتزين كما أمر
الشرع ، أو كان قصده أن يتفاخر بثيابه ويتعالى على الناس ؟
ثانيا :
الذي جاء في السنة النبوية : أنه يستحب للرجل أن يتنظف ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه يوم
الجمعة .
روى أبو داود (343) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ،
قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ اغْتَسَلَ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ
كَانَ عِنْدَهُ ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ ،
ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ
حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ
جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وروى البخاري (886) ، ومسلم (2068) عن ابْن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : "
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ [مصنوعة من الحرير] عِنْدَ
بَابِ المَسْجِدِ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ ،
فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ
لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ ) " .
وكان عمر رضي الله عنه لم يبلغه أن لبس الحرير حرام على الرجال ، فاقترح على النبي
صلى الله عليه وسلم هذا الاقتراح ، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على مشروعية
لبس الثياب الحسنة الجميلة يوم الجمعة ، ولكنه بين له أن هذا النوع من الثياب
(الحرير) حرام على الرجال .
ولذلك قال النووي رحمه الله في شرح الحديث :
" في الحديث اسْتِحْبَابِ لِبَاسِ أَنْفَسِ ثِيَابِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
وَالْعِيدِ وَعِنْدَ لِقَاءِ الْوُفُودِ وَنَحْوِهِمْ " انتهى من " شرح صحيح مسلم "
(14/38) .
والله تعالى أعلم .