الحمد لله.
ثانياً :
قواعد المرور ليست على درجة واحدة من الأهمية ، فبعض هذه القواعد يتعرض المخالف لها
لضرر كبير في نفسه أو لغيره ، وبعضها يكون أهون من ذلك بكثير ، فالسير عكس الاتجاه
في الطرق السريعة مثلاً ، أو السير بسرعة كبيرة في مكان مزدحم بالناس والسيارات ،
أو تجاوز الإشارة وهي حمراء في شارع مزدحم بالسيارات ... وغيرها من المخالفات التي
تتسبب كثيرا بالحوادث : لا يجوز فعلها بحال ، ولو طلب الوالد من ولده أن يفعل فلا
يطيعه ، لأن طاعة الوالد تكون فيما لا ضرر فيه على الولد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الاختيارات" (ص 114) : "ويلزم الإنسان
طاعة والديه في غير المعصية ، وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه منفعة لهما ، ولا
ضرر عليه " انتهى . وهذا الفعل فيه ضرر على الولد ، إذ قد يعرضه لإصابة نفسه أو
غيره .
وقد شدد بعض العلماء في ذلك ، ونصوا على عدم طاعة الوالد إذا أمر بما يخالف العقل
والحكمة .
جاء في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/129): " وَحَيْثُ نَشَأَ أَمْرُ الْوَالِدِ أَوْ
نَهْيُهُ عَنْ مُجَرَّدِ الْحُمْقِ ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ" انتهى.
وهناك من مخالفات المرور ما هو يسير بحيث لا يُقطع بأن الفاعل لذلك عاصٍ ، غير أنه
ينبغي الالتزام بهذه القواعد ، مثل : زيادة راكب على العدد المسموح به .
فمثل هذه المخالفات... لو أمر بها الوالد ولده مرةً لمصلحة من المصالح أو غرض من
الأغراض , فينبغي أن يطيعه في ذلك - إذا غلب على ظنه السلامة من المساءلة والعقوبة
.
وقد سألنا شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن هذه المسألة فقال:
" إذا لم يركب أبوه معه : فيداريه ، ويَعِدُه خيراً ، ثم لا يلتزم بما يعود عليه
بالضرر أو العقوبة من قبل شرطة المرور .
وأما إذا ركب أبوه معه وأصرَّ : فيسلم له الأمر " .
والله أعلم .