حكم الموالاة في قراءة الفاتحة والتشهد ، وحكم من يتأخر قليلا من أجل التذكر أو لضيق التنفس
ماهي مذاهب العلماء حول الموالاة في قراءة الفاتحة والتشهد ، وحكم من يتأخر قليلا من أجل التذكر هل نسي شيئا أو لضيق التنفس أو بسبب التلعثم ، هل تصح صلاته ؟
ملخص الجواب:
والحاصل من ذلك :
أن ما ذكر في السؤال من التأخر قليلا ، من أجل التذكر ، أو لضيق التنفس ، أو
التلعثم أن ذلك كله لا يضر الصلاة ، ولا يقطع الموالاة المطلوبة ، ولا يلزمه أن
يعيد القراءة من جديد .
وما قيل في شأن السكوت الذي يقطع الفاتحة ، والذي لا يقطعه يقال في التشهد ؛ إذ لا
فرق في ذلك بينهما .
والله أعلم.
الجواب
الحمد لله.
الموالاة بين آيات الفاتحة وكلمات التشهد واجبة ، جاء في " المنثور في القواعد
الفقهية " (3 / 242): " وَمِمَّا تَجِبُ فِيهِ : الْمُوَالَاةُ بَيْنَ كَلِمَاتِ
الْفَاتِحَةِ ، وَكَذَا بَيْنَ كَلِمَاتِ التَّشَهُّد" انتهى .
وفي " حاشية البجيرمي على الخطيب " (2 / 40): " وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ
كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ بِأَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِغَيْرِهَا،
وَلَوْ مِنْ ذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ " انتهى.
وفي " حاشية الجمل على شرح المنهج " (1 / 346): " وَإِنَّمَا وَجَبَتْ
الْمُوَالَاةُ فِي التَّشَهُّدِ ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا يُخِلُّ بِالنَّظْم " انتهى.
والسكوت الذي يقطع المولاة في الفاتحة : هو السكوت الطويل المشعر بقطع القراءة
والإعراض عنها ، أما السكوت اليسير ، كسكوت الوقف ، أو التنفس ، أو لنحو تذكر آية :
فهذا لا يقطع الموالاة .
جاء في " المغني " لابن قدامة (1 / 349) : " فَإِنْ قَطَعَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ
بِذِكْرٍ؛ مِنْ دُعَاءٍ ، أَوْ قِرَاءَةٍ ، أَوْ سُكُوتٍ يَسِيرٍ ، أَوْ فَرَغَ
الْإِمَامُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ قَالَ: آمِينَ
، وَلَا تَنْقَطِعُ قِرَاءَتُهُ ... وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ
قِرَاءَتَهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ مَأْمُورًا بِهِ، كَالْمَأْمُومِ
يَشْرَعُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ، ثُمَّ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ،
فَيُنْصِتُ لَهُ ، فَإِذَا سَكَتَ الْإِمَامُ أَتَمَّ قِرَاءَتَهَا، وَأَجْزَأَتْهُ
... ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ السُّكُوتُ نِسْيَانًا، أَوْ نَوْمًا، أَوْ
لِانْتِقَالِهِ إلَى غَيْرِهَا غَلَطًا لمْ يَبْطُلْ، فَمَتَى ذَكَرَ أَتَى بِمَا
بَقِيَ مِنْهَا، فَإِنْ تَمَادَى فِيمَا هُوَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ ، أَبْطَلَهَا،
وَلَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا، كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِذَلِكَ " انتهى .
وفي " المجموع شرح المهذب "(3 / 357) : " وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ فَمَعْنَاهَا أَنْ
يَصِلَ الْكَلِمَاتِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ ، وَلَا يَفْصِلَ إلَّا بِقَدْرِ
التَّنَفُّسِ .
فَإِنْ أَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ فَلَهُ حَالَانِ :
(أَحَدُهُمَا) : أَنْ يَكُونَ عَامِدًا ؛ فَيُنْظَرُ : إنْ سَكَتَ فِي أَثْنَاءِ
الْفَاتِحَةِ طَوِيلًا ، بِحَيْثُ أَشْعَرَ بِقَطْعِهِ الْقِرَاءَةَ ، أَوْ
إعْرَاضِهِ عَنْهَا مُخْتَارًا ، أَوْ لِعَائِقٍ بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ ، وَوَجَبَ
اسْتِئْنَافُ الْفَاتِحَةِ ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَحَكَى إمَامُ الحرمين
والغزالي عن العراقيين : أنه لا تبطل قراءته ، وليس بشيء وَالْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ
الْعِرَاقِيِّينَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ ، وَإِنْ قَصُرَتْ مُدَّةُ السُّكُوتِ
لَمْ يُؤَثِّرْ بِلَا خِلَاف ......
(الْحَالُ الثَّانِي) : أَنْ يُخِلَّ بِالْمُوَالَاةِ نَاسِيًا ؛ فَالصَّحِيحُ
الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ :
أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ قِرَاءَتُهُ ، بَلْ يَبْنِي عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ
؛ سَوَاءٌ كَانَ أَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ بِسُكُوتٍ ، أَمْ بِقِرَاءَةِ غَيْرِ
الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَائِهَا " انتهى.