الحمد لله.
والقول الثاني : أَنَّهُا على الْإِبَاحَةِ وهذا قول أكثر العلماء .
والقول الثالث : أنها تَرْفَعُ النهي السَّابِقَ وَتُعِيدُ حَالَ الْفِعْلِ إلَى ما كان قبل النهي فَإِنْ كان مُبَاحًا كانت لِلْإِبَاحَةِ أو وَاجِبًا فَوَاجِبٌ .
انظر " المحيط " للزركشي
(2/112- 116) ، " المستصفى " (1/54) ، " شرح مختصر الروضة " (2/370-373) .
وهذا القول الأخير هو الراجح ، وهو ما اختاره جماعة من المحققين .
قال ابن كثير رحمه الله في
تفسير قوله تعالى : ( وإذا حللتم فاصطادوا ) :
" وَهَذَا أَمُرٌ بَعْدَ الْحَظْرِ ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَثْبُتُ عَلَى السَّبْر
: أَنَّهُ يَرُد الْحُكْمَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ النَّهْيِ ، فَإِنْ
كَانَ وَاجِبًا رَدَّهُ وَاجِبًا ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَبًّا فَمُسْتَحَبٌّ ، أَوْ
مُبَاحًا فَمُبَاحٌ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ عَلَى الْوُجُوبِ ، يُنْتَقَضُ
عَلَيْهِ بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ لِلْإِبَاحَةِ ، يَرِدُّ
عَلَيْهِ آيَاتٌ أُخَرُ ، وَالَّذِي يَنْتَظِمُ الْأَدِلَّةَ كُلَّهَا هَذَا
الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ، كَمَا اخْتَارَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ " انتهى من "
تفسير ابن كثير " (2/12) .
وقال الشيخ الشنقيطي رحمه
الله :
" وبهذا تعلم أن التحقيق الذي دل عليه الاستقراء التام في القرآن أن الأمر بالشيء
بعد تحريمه يدل على رجوعه إلى ما كان عليه قبل التحريم من إباحة أو وجوب ، فالصيد
قبل الإحرام كان جائزا فمنع للإحرام ، ثم أمر به بعد الإحلال بقوله : ( وإذا حللتم
فاصطادوا ) ، فيرجع لما كان عليه قبل التحريم ، وهو الجواز ، وقتل المشركين كان
واجبا قبل دخول الأشهر الحرم ، فمنع من أجلها ، ثم أمر به بعد انسلاخها في قوله : (
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) الآية ، فيرجع لما كان
عليه قبل التحريم ، وهو الوجوب ، وهذا هو الحق في هذه المسألة الأصولية " انتهى من
" أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن " (1/327) .
وقد رجح هذا القول أيضا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ، انظر : " شرح منظومة أصول الفقه وقواعده " (ص/171-173) .
أما المراجع التي تسأل عنها
فقد ذكرنا بعضها ، ولا يكاد يخلو كتاب من أصول الفقه من التعرض لهذه المسألة .
والله أعلم .