يرث كل من الزوجين صاحبه بعد الموت في كل ماله
أنشئ لها أبواها عملاً تجارياً بعد زواجها فنجحت في إدارته- والحمد لله- ، فهل لزوجها النصف من هذه التجارة إن توفيت ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الحكمة من جعل الزوج أهلاً لأخذ نصف مالها الذي لم يبذل فيه شيئاً ؟ وما الحكمة كذلك من جعلها أهلاً للثلث إن هو توفي ؟
الجواب
الحمد لله.
إذا ماتت الزوجة ولم يكن لها فرع وارث ( أبناء يرثونها ، من هذا الزوج ، أو من غيره
) : فإن زوجها يستحق نصف التركة ، فإن كان لها فرع وارث : فإن زوجها يستحق ربع
التركة ؛ لقوله تعالى : (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ
يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ) النساء/12.
وإذا مات الزوج ولم يكن له فرع وارث : فإن زوجه تستحق الربع ، فإن كان له فرع وارث
فإن زوجته تستحق الثمن ؛ لقوله تعالى : ( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ
مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ ) النساء/12 .
فنصيب الزوجة من زوجها المتوفى يدور بين أن يكون الربع ، أو الثمن ، ولا ترث الزوجة
الثلث من زوجها ، كما ذكر في السؤال ، بحال .
وعلى ذلك فإن كان والد هذه الزوجة قد وهبها هذا المشروع التجاري بحيث صار ملكا لها
، فإن ماتت فإن زوجها يستحق إما نصف تركتها - بما فيها هذا المشروع التجاري - إن لم
يكن لها فرع وارث ، وإما ربع التركة - بما فيها هذا المشروع التجاري - إن كان لها
فرع وارث .
ولتعلم السائلة أن الذي تولى أمر تقسيم التركات في الإسلام هو الله تعالى ، وليس
البشر ، فكان بذلك من النظام والدقة والعدالة ما يستحيل على البشر أن يهتدوا إليه
لولا أن هداهم الله تعالى إليه .
وقد توعد الله سبحانه من تعدى حدوده في المواريث بالعذاب المهين والخلود في النار ،
قال تعالى عقب آيات الميراث ، " تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ"
النساء / 13 ، 14 .
جاء في " تفسير القاسمي "(3 / 47): " ومن يعص الله ورسوله في قسمة المواريث وغيرها
، ويتعد حدوده بتجاوز أحكامه وفرائضه ، بالميل والجور ، يدخله نارا خالدا فيها وله
عذاب مهين ، أي لكونه غيَّر ما حكم الله به ، وضاد الله في حكمه ، وهذا إنما يصدر
عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به ، ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم
المقيم " انتهى.
والله أعلم.