الحمد لله.
وعلى ذلك فإذا تم هذا البيع
، فتبقى القرعة طريقا شرعيا لتحديد الجزء الخاص بكل واحد من المشترين ؛ لأن القرعة
طريق من طرق القسمة .
جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (33 / 137) : " الْقُرْعَةَ طَرِيقٌ مِنْ
طُرُقِ الْقِسْمَةِ ، وَالْقُرْعَةُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ عِنْدَ
الْمَالِكِيَّةِ " انتهى .
وننبه السائل إلى أن الحكم
بالقرعة طريق من طرق الحكم بالشرع ؛ وليست من قبيل الحظ أو القمار ؛ لأن الله
سبحانه ذكر القرعة في كتابه في غير موضع ، وكذا جاءت السنة بالقرعة في مواطن
الاختلاف .
جاء في " الطرق الحكمية " لابن القيم – رحمه الله - (1 / 245) : " وَمِنْ طُرُقِ
الْأَحْكَامِ: الْحُكْمُ بِالْقُرْعَةِ ، قَالَ تَعَالَى: ( ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ
الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ
أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) [آل
عمران: 44] ، قَالَ قَتَادَةُ: " كَانَتْ مَرْيَمُ ابْنَةَ إمَامِهِمْ
وَسَيِّدِهِمْ ، فَتَشَاحَّ عَلَيْهَا بَنُو إسْرَائِيلَ ، فَاقْتَرَعُوا عَلَيْهَا
بِسِهَامِهِمْ، أَيُّهُمْ يَكْفُلُهَا، فَقَرَعَ زَكَرِيَّا، وَكَانَ زَوْجَ
أُخْتِهَا، فَضَمَّهَا إلَيْهِ ". وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: " لَمَّا وُضِعَتْ مَرْيَمُ فِي الْمَسْجِدِ اقْتَرَعَ عَلَيْهَا
أَهْلُ الْمُصَلَّى ، وَهُمْ يَكْتُبُونَ الْوَحْيَ، فَاقْتَرَعُوا بِأَقْلَامِهِمْ
أَيُّهُمْ يَكْفُلُهَا " ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ،
وَقَالَ تَعَالَى: ( وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى
الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) ، يَقُولُ
تَعَالَى: فَقَارَعَ ، فَكَانَ مِنْ الْمَغْلُوبِينَ ، فَهَذَانِ نَبِيَّانِ
كَرِيمَانِ اسْتَعْمَلَا الْقُرْعَةَ ، وَقَدْ احْتَجَّ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ
بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا ، إنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ "
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ
وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا
عَلَيْهِ .." انتهى.
والله أعلم.