الحمد لله.
ولو زاد عن الركعتين أحيان ،
فصلى أربعا ، أو صلى ما تيسر له : لم يمنع منه ، فإن هذا وقت صلاة ، يشرع التنفل
فيه .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَوْلُهُ (صَلَاةٌ) أَيْ وَقْتُ صَلَاةٍ ، أَوِ الْمُرَادُ : صَلَاةٌ نَافِلَةٌ :
أَوْ نُكِّرَتْ لِكَوْنِهَا تَتَنَاوَلُ كُلَّ عَدَدٍ نَوَاهُ الْمُصَلِّي مِنَ
النَّافِلَةِ : كَرَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ أَوْ أَكْثَرَ ... " انتهى .
وله أن يصلي بين المغرب
والعشاء ما شاء ؛ لما روى البيهقي (4752) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ : " كَانَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ
وَالْعِشَاءِ " وصححه الألباني في " الصحيحة " (2132) .
وروى أبو داود (1321) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ : (
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) ، قَالَ: " كَانُوا يَتَيَقَّظُونَ مَا بَيْنَ
الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلُّونَ " ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: قِيَامُ
اللَّيْلِ .
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
وانظر جواب السؤال رقم : (175137) .
ثانيا :
أما بعد العشاء : فالسنة الراتبة إنما هما ركعتان ، أيضا ، لا أربعا ؛ لما روى
البخاري (1180) ، ومسلم (729) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ :
" حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ :
رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ
المَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي بَيْتِهِ ،
وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ ) .
وروى الترمذي أيضا (415) عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ
عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ : أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ،
وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ ، وَرَكْعَتَيْنِ
بَعْدَ العِشَاءِ ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ صَلَاةِ الْغَدَاةِ )
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
ثم إذا صلى راتبة العشاء ،
فله أن يصلي بعد ذلك ما شاء الله له أن يصلي ، من صلاة الليل ، سواء قبل أن ينام ،
أو بعد أن ينام ، ثم يستيقظ للصلاة ، وهو أفضل له وأكمل .
روى البخاري (117) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: " بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي
مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ زَوْجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم وَكَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشَاءَ ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى
مَنْزِلِهِ ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ ، ثُمَّ قَامَ ... " .
وذهب فقهاء الحنفية إلى عد
هذه الأربع ركعات بعد العشاء سنة راتبة بعدية ، كما في " فتح القدير " (1/441-449)
.
لكن الأظهر ـ والله أعلم ـ أنها نافلة مطلقة من جملة قيام الليل ، كما سماها ابن
قدامة في " المغني " (2/96) " صلاة تطوع " .
وينظر جواب السؤال رقم : (175914) .
والله تعالى أعلم .