ضوابط في اختيار منهج الأنشطة الدعوية في ظل كثرة مناهج الدعوة إلى الله جل وعلا
في حال رغبت في إنشاء موقع إلكتروني متخصص في نشر إعلانات المناشط الدعوية كالدروس العلمية والمحاضرات وغيرها :
ما الضابط في اختيار تلك المناشط في ظل كثرة المناهج الدعوية في هذا الزمن، وهل إذا اجتهدت في اختيار العلماء الثقات فقط ، وحصل شيء من الأخطاء في المحاضرات أو الدروس، هل أتحمل ذنباً كوني نشرت إعلان ذلك الدرس او تلك الدورة ؟
وهل هناك أدلة أو آثار يمكن القياس عليها بخصوص هذا الموضوع؟
الجواب
الحمد لله.
إنشاء موقع متخصص في الإعلان عن الأنشطة الدعوية والعلمية : أمر حسن جميل , وهو من
باب الدعوة إلى الله جل وعلا , ومن التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله سبحانه
به بقوله جل وعلا : (وتعاونوا على البر والتقوى) المائدة/2 .
وهناك ضوابط ينبغي أن تراعي في الإعلان عن هذه الأنشطة في ظل كثرة الأنشطة الدعوية
منها:
1. إن كان هذا النشاط موجها إلى بلد معين أو دولة بعينها فينبغي مراعاة حال الناس
في هذا البلد بحيث توجه هذه الأنشطة إلى معالجة مشاكلهم وتقويم أخطائهم , وهذه سنة
الله جل وعلا في أنبيائه ورسله أن يبعثهم لعلاج مشكلات أقوامهم وإصلاح العيوب
المنتشرة في زمانهم فأرسل شعيبا عليه السلام - بجانب دعوته إلى التوحيد - لعلاج
مشكلة بخس الكيل والميزان , وأرسل لوطا عليه السلام - بجانب دعوته إلى التوحيد -
لعلاج مشكلة الشذوذ الجنسي , وهكذا كانت دعوات الأنبياء موجهة لعلاج مشكلات أقوامهم
, فينبغي على الدعاة أن يتأسوا بالأنبياء صلوات الله عليهم في هذا المنهاج.
2. وقد روى البخاري (1395) ، ومسلم (19) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى
الله عليه وسلم بعث معاذا رضي الله عنه إلى اليمن فقال : (إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا
اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ،
فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي
كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ
اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ ، تُؤْخَذُ مِنْ
أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ) ، فتأمل كيف أن النبي صلى الله
عليه وسلم ، قد عرف معاذا بواقع القوم الذين أرسله إليهم ، وما ينبغي تقديمه في
دعوتهم ، ثم رتب له أولويات الدين ومهماته ؛ الأهم ، فالمهم .
3. تقديم الأنشطة التي يقدمها علماء ودعاة صادقون منضبطون بمنهج أهل السنة والجماعة
، معروفون بالعلم والديانة ، على غيرها من أنشطة صغار الطلاب.
فإذا اجتهدتم وبذلتم وسعكم في اختيار محاضرات أهل العلم والدعاة الصادقين المنضبطين
بمنهج أهل السنة والجماعة ؛ فلا عليكم بعد ذلك مما قد يحدث منهم من زلات أو
اجتهادات ؛ فإن هذا لا يسلم منه بشر ، ولا يسلم منه عالم ، ولا يسلم منه كتاب ؛ ولو
اشترط الناس السلامة من ذلك ، لما كان هناك دعوة ، ولا أمر بمعروف ، ولا نهي عن
منكر ، ولا تعليم كتاب ، ولا حضور درس ، ولمات العلم ، إذا لم يأخذ الناس إلا عمن
لا يخطئ .
على أن الأخطاء التي أشار إليها السائل هي في الغالب من المسائل الاجتهادية التي لا
يبدع فيها المخالف ولا يحكم عليه بالإثم .
والله أعلم.