الحمد لله.
فالتعامل معهم يكون بحسب اختلاف قدراتهم الذهنية والإيمانية ، إلا أن
الأصل الجامع لكل هؤلاء، خاصة في أول فترة للانتقال : هو شغلهم بالعمل الصالح ، قدر
الطاقة ، وتربيتهم على الإيمان العملي ، وملازمة ذكر الله تعالى ، والحرص على
الآداب النبوية ، واستعمال ما يطرق القلب والأذن من العلم النافع ، والقول السديد ،
في حياة الإنسان ، وهذا توفره مراجعة كتب الأدب والترغيب ، مثل رياض الصالحين ، لا
سيما كتاب الأدب منه ، وملازمة ذكر الله آناء الليل والنهار ، ومصاحبة الأخيار .
ثم يكون التنبيه على الأمور العلمية ، والمباحث العقدية ، بحسب ما يظهر من الحال ،
ويتوقع من وجود الخطأ ، أو البدعة والانحراف ، ويستحسن أن يكون ذلك في البدء ،
تدريجيا ، بحسب المقام والحال .
وقد روى ابن ماجة في سننه (61) عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْد اللَّهِ قَالَ : ( كُنَّا
مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ
، فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ، ثُمَّ
تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ ، فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الصحابة أخذوا عن الرسول لفظَ القرآن ومعناه، بل كانوا يأخذون عنه المعاني مجردةً
عن ألفاظِه بألفاظٍ أُخَر، كما قال جُندب بن عبد الله البَجَلي وعبد الله بن عمر:
تعلَّمنا الإيمانَ ثم تعلَّمنا القرآن، فازددنا إيمانًا. فكان يُعلِّمهم الإيمانَ،
وهو المعاني التي نزل بها القرآن من المأمور به والمخبَر عنه المتلقَّى بالطاعة
والتصديق، وهذا حق، فإن حفاظ القرآن كانوا أقلَّ من عموم المؤمنين، فعُلِمَ أن
بيانَ معانيه لهم كان أعمَّ من بيان ألفاظه " انتهى، "جواب الاعتراضات المصرية"
(12) .
وقال أيضا :
" التفريغ والتخلية التي جاء بها الرسول : أن يفرغ قلبه مما لا يحبه الله ، ويملؤه
بما يحبه الله ؛ فيفرغه من عبادة غير الله ، ويملؤه بعبادة الله ، وكذلك يفرغه عن
محبة غير الله ، ويملؤه بمحبة الله ، وكذلك يخرج عنه خوف غير الله ، ويدخل فيه خوف
الله تعالى ، وينفي عنه التوكل على غير الله ، ويثبت فيه التوكل على الله ؛ وهذا هو
الإسلام المتضمن للإيمان ، الذي يمده القرآن ويقويه ، لا يناقضه وينافيه ، كما قال
جندب وابن عمر : تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن ، فازددنا إيمانا " انتهى من
"مجموع الفتاوى" (10/401) .
فالتربية على معاني الإيمان ، وأعمال الإيمان ، وأحوال الإيمان :
مقدَّمة ، ولا شك على دراسة المتون ، وتعليمها ، وحفظها ، لا سيما في حق التائب
المنتقل على إلى بيئة الصلاح ، بعد أعمال السوء ، والعصيان .
ثم يكون بعد ذلك التعليم ، والتثقيف ، بحسب حال كل شخص ، وهمته ، وبحسب المقام .
ولو أمكن مدارسة كتاب ميسر نافع في تفسير القرآن ، مثل : "التفسير الميسر" ، وبعده : "تفسير السعدي " ، وأيضا : شرح مبسط لكتاب رياض الصالحين ، فهو خير وبركة إن شاء الله ، وفي أثناء ذلك : تنثر المعاني العقدية ، نثرا ، في أثناء ما يتعرض لها من النصوص الشرعية .
والله أعلم