طبيبة تريد الدراسة والتدريب في مستشفى تشترط وجود صورة فوتوغرافية بدون حجاب
أنا طالبة جامعية وعلي أن أدرس في المستشفيات ، أفضل مستشفى يطلبون صورا من غير حجاب فقط من أجل بطاقة الدخول ، بحيث يمكنني إخفاؤها عندما أعرضها عليهم في البداية ، ولكن في المستشفى أعمل بالحجاب ، أنه المستشفى الوحيد الذي به أحدث التقنيات على المستوى الوطني ، والذي سأتلقى فيه أحسن تدريب أفيدوني بارك الله فيكم أنا قد اخترت مستشفى مستواه ضعيف جدا ، فهل يجوز أن أقدم لهم صورا فوتوغرافية بدون حجاب ؟
الجواب
الحمد لله.
الحجاب فريضة من الله تعالى على المرأة المسلمة ، ثبتت فرضيتها بمحكم القرآن ،
وصحيح السنة ، وأجمع على ذلك فقهاء الأمة بمختلف مذاهبها ومدارسها . لم يشذّ عن ذلك
مذهب ، ولم يخالف فيه فقيه ، واستقر عليه العمل فيما مضى من قرون الأمة ، قال تعالى
: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/ 59، وقال
تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ ) النور/31 .
وعلى ذلك فلا يجوز للمرأة أن تكشف مفاتنها أمام الرجال الأجانب لا مباشرة ، ولا من
خلال صورة فوتوغرافية يطلعون عليها فكلاهما محرم ، من هنا يتضح أنه لا يجوز لك
التدريب ولا الدراسة في هذه المستشفى ، بل عليك أن تبحثي عن مستشفى أخرى لا تشترط
التبرج في الصورة ، هذا من حيث الأصل ، ولكن إن ترتب على تركك للدراسة والتدريب في
هذه المستشفى مفسدة كبرى كعدم توافر طبيبة مسلمة ماهرة حاذقة تعالج المسلمات مما
يترتب عليه اطلاع الرجال الأجانب على عوراتهن ، فهنا يجوز لك الدراسة في هذه
المستشفى ؛ لأن توفير طبيبة مسلمة تعالج نساء المسلمين خصوصا فيما يترتب عليه كشف
للعورات أمر واجب ، وقد جاء في كتب فقهاء الحنفية ما يفهم منه أن تخصص المرأة في
توليد النساء فرض كفاية ، فقد جاء في " البحر الرائق شرح كنز الدقائق " (4 / 212) :
" للزوج أن يمنع القابلة (التي تتولى توليد النساء) والغاسلة ( التي تغسل الموتى من
النساء ) من الخروج ؛ لأن في الخروج إضرارا به وهي محبوسة لحقه ، وحقه مقدم على فرض
الكفاية ، بخلاف الحج الفرض ؛ لأن حقه لا يقدم على فرض العين " انتهى .
وحينئذ يكون ظهورك متبرجة في الصورة الفوتوغرافية مفسدة يسيرة إذا ما قورنت بمفسدة
اطلاع الرجال الأجانب - خصوصا إذا كانوا غير مسلمين - على عورات المسلمات ، ومن
المتقرر في الشريعة الغراء أنه يشرع ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما ، جاء في "
الفروق " للقرافي (3 / 22) : " إنَّ شَأْنَ الشَّرَائِعِ دَفْعُ أَعْظَمِ
الْمَفْسَدَتَيْنِ بِإِيقَاعِ أَدْنَاهَا وَتَفْوِيتُ الْمَصْلَحَةِ الدُّنْيَا
بِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ الْعُلْيَا" انتهى ، وجاء في " المنثور في القواعد الفقهية
" (1 / 348): " وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مِنْ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ
أَنْ تُدْرَأَ أَعْظَمُ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَيْسَرِهِمَا " انتهى.
والله أعلم .