الحمد لله.
صفة الإجارة التي يتعامل بها الناس في إجارة الدكاكين والمحلات هي :
أن يؤجر صاحب المحل محله لمدة معينة ؛ كسنتين مثلا ، ويستحق الأجرة بمجرد العقد .
ثم .. قد يتفق المؤجر (المالك) مع المستأجر على سداد تلك الأجرة على أقساط شهرية .
فتكون هذه الأقساط في حقيقتها ديونا مؤجلة .
فإذا قال صاحب المحل للمستأجر : عَجِّل أقساط شهرين وأسقط عنك قسط الشهر الثالث ،
تكون هذه المسألة هي المشهورة عند أهل العلم بمسألة : " ضع وتعجّل " .
و" ضع وتعجّل " صورتها ؛ أن يقول الدائن للمدين : عَجِّل لي ديني المؤجل وأسقط عنك
بعضه.
وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم. والراجح جوازها .
وقد ذهب إلى جوازها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما . فعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
: ( أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقُولَ : أُعَجِّلُ لَكَ
وَتَضَعُ عَنِّي ) رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 11 / 407 طبعة مركز هجر ) ،
وصححه الشيخ عبد العزيز الطريفي في " التحجيل " ( ص 221 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :
"وهذا ضد الربا ؛ فإن ذلك [يعني : الربا] يتضمن الزيادة فى الأجل والدين ، وذلك
إضرار محض بالغريم ، ومسألتنا تتضمن براءة ذمة الغريم من الدين ، وانتفاع صاحبه بما
يتعجله ، فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر، خلاف الربا المجمع عليه ؛ فإن ضرره
لاحق بالمدين ، ونفعه مختص برب الدين ، فهذا ضد الربا صورة ومعنى .
قالوا [يعني : المجيزين لهذه المسألة] : ولأن مقابلة الأجل بالزيادة فى الربا ذريعة
إلى أعظم الضرر ، وهو أن يصير الدرهم الواحد ألوفا مؤلفة ، فتشتغل الذمة بغير فائدة
، وفى " ضع وتعجل " تتخلص ذمة هذا من الدين ، وينتفع ذاك بالتعجيل له .
قالوا : والشارع له تطلع إلى براءة الذمم من الديون ، وسمّى الغريم المدين : أسيراً
، ففى براءة ذمته تخليص له من الأسر ، وهذا ضد شغلها بالزيادة مع الصبر " انتهى . "
إغاثة اللهفان " ( 2 / 683 - 684 ) .
وقد اختار القول بالجواز شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ قال رحمه الله تعالى :
" ويصح الصلح عن المؤجل ببعضه حالاًّ ، وهو رواية عن أحمد وحُكي قولا للشافعي "
انتهى . "الاختيارات الفقهية " ( ص 134 ) .
وقد اختار ذلك أيضا من المعاصرين : " المجمع الفقهي الإسلامي " واللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء ، " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 13
/ 168 – 169 ) . والشيخ ابن عثيمين وشيخه عبد الرحمن السعدي رحمهما الله تعالى "
الشرح الممتع " ( 9 / 232 ) .
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم (13945) .
والله أعلم .