الحمد لله.
ثانيا :
لا يشترط لصحة الوقف ولزومه : أن يخرج الوقف عن يد الواقف ، فلو أوقف أرضا لجهة
خيرية ، فقد صح الوقف وخرجت الأرض عن ملكه ، حتى وإن كانت يده باقية عليها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" ولا يشترط إخراج الوقف عن يد الواقف ، فلو وقف البيت وبقيت يده عليه : فالوقف
يخرج عن ملكه ، وإن لم يخرج عن يده .
ولهذا لو أن إنسانا وضع دراهم في جيبه على أنها صدقة ، ثم بدا له ألا يتصدق ، فهذا
يجوز ولا بأس به ، فهي ما دامت في يدك : إن شئت أمضيتها ، وإن شئت رددتها ، لكن
الوقف : إذا وقف ، نفذ ؛ ولو كان تحت سيطرته ، وتحت يده " انتهى من " الشرح الممتع
" (11/32) .
ثالثا :
بناء على ما سبق ؛ فإذا كانت تلك المرأة قد صرحت بالتبرع بهذه الأرض ، أو وقَّعت
على الأوراق التي تثبت ذلك ، فقد صح الوقف ولزم ، وخرجت الأرض عن ملكها ، ولا يجوز
للورثة أو غيرهم أن يستولي على تلك الأرض .
وفي هذه الحالة : يلزمك أن
ترد نصيبك من الميراث إلى دائرة الأوقاف الإسلامية ، وتكتب لهم ما يفيد تنازلك عن
هذه الأرض ؛ لأن الاستيلاء على الأرض ظلما من كبائر الذنوب ، حتى قال فيه النبي صلى
الله عليه وسلم : ( مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ
فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه البخاري (2452) ، ومسلم (1610) .
رابعا :
إذا كان تبرع هذه المرأة بالأرض قد تم في مرض موتها ، ( وهو المرض الذي اتصل به
موتها ) ، فلا ينفذ هذا التبرع إلا في ثلث التركة فقط ، فإن كانت الأرض ثلث التركة
فأقل نفذ الوقف ، ولا حق للورثة في الأرض ، وإن كانت أكثر من ثلث التركة نفذ الوقف
فيما يعادل الثلث فقط ، ولا ينفذ فيما زاد على ذلك إلا برضى الورثة .
قال ابن قدامة رحمه الله في
" المغني " (8/215-216) :
" الْوَقْف فِي مَرَضِ الْمَوْتِ ، بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ ، فِي اعْتِبَارِهِ
مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ، فَاعْتُبِرَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ
مِنْ الثُّلُثِ ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ ، جَازَ مِنْ غَيْرِ رِضَا
الْوَرَثَةِ وَلَزِمَ ، وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ، لَزِمَ الْوَقْفُ مِنْهُ فِي
قَدْرِ الثُّلُثِ ، وَوَقَفَ الزَّائِدُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ . لَا نَعْلَمُ
فِي هَذَا خِلَافًا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِلُزُومِ الْوَقْفِ" انتهى .
وفي هذه الحالة يكون ما
يعادل ثلث التركة من الأرض وقفا وما زاد على الثلث ، فهو للورثة .
فإن كانت الأرض بكاملها ، تبلغ ثلث التركة ، أو أقل ، نفذ الوقف ، ولزم في الأرض .
والله أعلم .