الحمد لله.
حداثة السن مظنة الخداع , وقد حصل .
إن الشيطان قد خطا بك خطوة على طريق الفاحشة ، حين وسوس لك بالتحدث معها عبر النت
على الصفة التي ذكرتها .
فاحذر أن يخطو بك خطوات أخرى ، فإنه لن يتركك حتى يصل إلى ما يريد ، إلا أن يحفظك
الله من شره .
وأنت ترى أن الشيطان نقلك خطوة أخرى ، ففي بداية الأمر كان التعلق القلبي من بعيد
(بلا تواصل) .
والآن ... صار هناك تواصل عام على الإنترنت ، وغدا ... سيصير التواصل خاصا ، وبعد
غد سوف تتغير موضوعات الحديث والحوار ، ثم الاتصال الهاتفي ثم المقابلة ثم ... ثم
...
هذا هو الذي سيحصل معك ، كما قد حصل مع غيرك ، ممن لا يحصون كثرة ، ساقهم الشيطان
إلى ما يريد ، خطوة خطوة ، وقد كانوا جميعًا يحسنون الظن بأنفسهم ، ويقولون : إنه
حب صادق من أجل الزواج لا المتعة المحرمة .
فالنصحية لك : أن تصرف قلبك عن هذه الفتاة مطلقًا ، وتكف عن التواصل معها نهائيًا ،
أو محاولة التعرف على أخبارها حتى لا يزداد تعلقك بها .
يقول المثل العربي العامي : ( الباب الذي يأتي منه الريح ، سده واستريح ) .
ويقول الشاعر العربي :
إن السلامة من سلمى وجارتها ... ألا تحل على حالٍ بواديها .
وخير من هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ ، وَإِنَّ
الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ
النَّاسِ ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ ، وَعِرْضِهِ ،
وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ ، كَالرَّاعِي يَرْعَى
حَوْلَ الْحِمَى ، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ
حِمًى ، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ) رواه مسلم (1599) .
فمن تساهل في الشبهات وقع في الحرام .
عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ،
وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ ، وَعَلَى
الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ :
أَيُّهَا النَّاسُ ، ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا ، وَلَا تَتَعَرَّجُوا ،
وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ
تِلْكَ الْأَبْوَابِ ، قَالَ : وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ
تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ ، وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ ، وَالسُّورَانِ : حُدُودُ اللهِ
، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ : مَحَارِمُ اللهِ ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى
رَأْسِ الصِّرَاطِ : كِتَابُ اللهِ ، وَالدَّاعِي مِنِ فَوْقَ الصِّرَاطِ : وَاعِظُ
اللهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ ) رواه أحمد (17634) ، وصححه الألباني .
فابتعد عن كل ما يذكرك بهذه الفتاة ، إن كنت ناصحا لنفسك ، طالباً خيرها .
وأما الدعاء بالزواج بها فلا بأس به من حيث الأصل ، ولكننا لا ننصحك به ، الآن
على الأقل .
بل ننصحك بنسيانها تماما ، وأنت أمامك سنوات طويلة ، حتى تتأهل للزواج حقا ، وحتى
تستطيع التقدم لها ، فليس من الحكمة ولا العقل أن تبقى متعلقا بها كل هذه السنوات ،
فقد تجد زوجة خيرا لك منها ، وقد تجد هي لنفسها زوجا خيرا منك ، وقد تجد أمور ،
وتتغير أحوال .
أتعرف كيف تصرف نفسك عنها ؟
ننصحك بأمور :
1. الدعاء أن يطهر قلبك من الفواحش , ويسلمه من الآثام والتعلقات المحرمة , فإنه لا
ينجو يوم القيامة ( إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) سورة الشعراء /
89 .
2. املأ قلبك وعقلك بالنافع المفيد من أعمال الدين والدنيا , فإن العشق لا يحل إلا
بالقلوب والعقول الفارغة .
ثانياً :
وأما عن الحديث بين الجنسين والمراسلة عبر الإنترنت : فقد ذكرت في عدة فتاوى ضوابط
لجواز ذلك كما في السؤال الذي ذكرته في سؤالك رقم : (6453) .
ومن رأى من نفسه أنه قد بدأ يميل ، فالواجب عليه الكف فورا .
ومتى شككت في أمر ، وحك في صدرك شيء منه : فدعه .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ ) ،
رواه النسائي : (5711) وصححه الألباني .
والله أعلم .