الحمد لله.
وتقسيم العقار على الورثة بهذه الطريقة سواء قُسم العقار كله ، أو كل طابق بمفرده كما يطالب بعض الورثة ، لا يمكن إلا إذا أخذ بعضهم أكثر من نصيبه من التركة وَعَوَّضَ الآخرين بشيء من المال ، أو بحصول ضرر على بعض الورثة ، والضرر هنا نقص قيمة نصيبه ، كما لو أخذ جزءا من شقة ، فإنه لا يمكن بيعه إلا بنقص في القيمة ، مع عدم إمكانية الانتفاع به أيضا.
والقسمة في هذه الحالة
يسميها العلماء "قسمة تراضٍ" لأنها لا يجبر عليها أحد من الورثة ، لأنه سيقع عليه
ضرر ، فلا تكون تلك القسمة إلا بتراضي الورثة كلهم .
قال البهوتي رحمه الله في "الروض المربع" (7/564-567) : "لا تجوز قسمة الأملاك التي
لا تنقسم إلا بضرر ، ولو على بعض الشركاء ، أو لا تنقسم إلا برد عوض من أحدهما على
الآخر ، إلا برضا الورثة كلهم ، لحديث : (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وغيره ....
ولا يجبر من امتنع من قسمتها " انتهى باختصار .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"كل مشترك بين شخصين فأكثر ، لا ينقسم إلا بضرر ، أو برد عوض : فإنه لا ينفذ إلا
برضا الشركاء كلهم ؛ لأنه إذا كان فيها ضرر ، فلا يمكن أن يضار أحد إلا إذا رضي
بالضرر على نفسه ، وهو عاقل بالغ رشيد ، ولأنها إذا احتاجت إلى رد عوض صارت بمنزلة
البيع ، لأن فيها عوضاً ومعوضاً، والبيع لا بد فيه من التراضي" انتهى من "الشرح
الممتع" (15/369) .
فإذا أردتم قسمة هذا العقار
فأمامكم أحد أمرين :
الأول :
إما أن يتراضى الورثة كلهم على القسمة ، كأن يأخذ بعضهم الشقق والبعض الآخر المحلات
، ويتم تعويض من أخذ أقل من نصيبه بالمال وهكذا .
فإن لم يحصل التراضي ، فليس أمامكم إلا الحل الثاني : وهو بيع العقار ويوزع ثمنه عليكم حسب نسبة الميراث .
وقد نص العلماء على أنه إذا
طلب أحد الورثة بيع العقار أجيب إلى طلبه ، وأجبر الجميع على البيع .
قال البهوتي رحمه الله : "ومن دعا شريكه فيها إلى بيع : أُجْبِر ، فإن أبى ، باعه
الحاكم عليهما ، وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهما " انتهى من " الروض المربع "
(7/166) .