الحمد لله.
ثانيا :
الخطوبة وحفل الزفاف من مناسبات الفرح والسرور ، وقد جرت عادة الناس بأن الوالد هو
أول الحاضرين ، حتى إن الناس يعتبرونه هو صاحب المناسبة ، ويحرصون على مصافحته
والمباركة له ، ويستنكر الناس عدم حضور الوالدين أو أحدهما ، ويكون ذلك مثار حديثهم
، ويبدؤون في نسج الحكايات والبحث في أسباب عدم حضوره .
ولا شك أنك إذا لم تدع والدك ، أحزنه ذلك كثيرا ، وتسبب له في الحرج
أمام الناس ، وربما أسخطه عليك ، وهيجه على الدعاء عليك – ودعاء الوالد على ولده
مستجاب - ، فلا يجوز لك أن تفعل ذلك ؛ لما فيه من العقوق وأذية الوالد .
وقد روى الترمذي (1899) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا
الْوَالِدِ ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ ) . وصححه الألباني في "صحيح
الترمذي" .
وقد يترتب على هذا التصرف حدوث مشاكل بينك وبين بعض العائلة ، حيث يغضبون لتصرفك ، فيحصل شيء من قطيعة الرحم .
وكونك لا تريد دعوته إلى زفافك قد يدل ذلك على هجرك له ، ومقاطعتك ،
فإن كان الأمر كذلك فهو محرم تحريما شديدا .
فعليك بالمبادرة إلى الاتصال به ، أو الذهاب إليه ، قبل أن يسخط عليك فيسخط الله
عليك لسخطه .
ثالثا :
إكرام زوجة الأب وبرها ، هو من إكرام الأب وبره ؛ وقد قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ
وُدِّ أَبِيهِ رواه مسلم (2552) .
فالواجب عليك معالجة هذا البغض الذي في قلبك لوالدك وزوجتك ، ومجاهدة نفسك على ذلك ، والسعي في أن تزيل أسباب ذلك ، وتعلم أن حق الوالد عليك عظيم ، مهما فعل وقصر في حقك ، وهذا البغض يزول شيئا فشيئا – إن شاء الله – إن استعملت الأسلوب الحسن في معاملة والدك وزوجته ، وأحسنت إليهما ، واحتسبت الثواب عند الله تعالى فيما تجده منهما من إساءة .
ولتعلم أن الإحسان إلى الوالدين باب من أبواب الجنة ، وطريق إليها ،
ولا يدري الإنسان متى يغلق عنه هذا الباب (بموتهما) ، فيفوته حينئذ خير كثير، وسبب
كبير من أسباب دخول الجنة.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير ، وأن يجمع بينك وبين أسرتك وعائلتك في خير .
والله تعالى أعلم .