الحمد لله.
أولا :
" يثرب " كان اسماً للمدينة النبوية في الجاهلية . فعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ( رَأَيْتُ فِي المَنَامِ
أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى
أَنَّهَا اليَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ المَدِينَةُ يَثْرِبُ ) رواه
البخاري (3622) ، ومسلم (2272) .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" وأما " يثرب " فهو اسمها في الجاهلية ، فسماها الله تعالى المدينة ، وسماها رسول
الله طيبة وطابة " انتهى من " شرح صحيح مسلم " (15/31) .
فبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم صارت تسمى المدينة .
ومن ذلك قول الله تعالى : ( مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم
مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ ) التوبة /120.
وسميت طيبة وطابة .
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَدِينَةَ طَابَةَ
) رواه مسلم (1385) .
وعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ( إِنَّهَا طَيْبَةُ - يَعْنِي الْمَدِينَةَ - ، وَإِنَّهَا تَنْفِي
الْخَبَثَ ، كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ ) رواه البخاري (4589) ،
ورواه مسلم (1384) واللفظ له .
ثانيا :
ينبغي للمسلم أن يسمي المدينة بهذا الاسم (المدينة ، أو طيبة ، أوطابة) فهي الأسماء
الشرعية لها .
وقد ورد في السنة ما يشير إلى النهي عن تسميتها بـ " يثرب " .
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ القُرَى ، يَقُولُونَ
يَثْرِبُ ، وَهِيَ المَدِينَةُ ) رواه البخاري (1871) ، ومسلم (1382) .
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى :
" وفي هذا الحديث دليل على كراهية تسمية المدينة بيثرب على ما كانت تسمى في
الجاهلية " انتهى من " التمهيد " (23/171) .
قال القرطبي رحمه الله تعالى :
" ( يقولون : يثرب ، وهي المدينة ) ؛ أي : تسميها الناس : يثرب ، والذي ينبغي أن
تُسمَّى به : المدينة . فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك الاسم ، على عادته
في كراهة الأسماء غير المستحسنة ، وتبديلها بالمستحب منها . وذلك : أن يثرب لفظ
مأخود من الثرب ، وهو الفساد ، والتثريب : وهو المؤاخذة بالذنب . وكل ذلك من قبيل
ما يكره ، وقد فهم العلماء من هذا : منع أن يقال : يثرب . حتى قال عيسى بن دينار :
مَن سمَّاها يثرب كُتِبت عليه خطيئة . فأما قوله تعالى : ( يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا
مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ) الأحزاب (13) ، هو حكاية عن قول المنافقين ، وقيل :
سُميت : يثرب بأرض هناك ، المدينة ناحية منها . وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم
: طيبة ، وطابة ، من الطيب " انتهى من " المفهم " (3/498) .
وراجع الفتوى رقم : (83539) .
وأما إطلاق اسم "يثرب" على سوريا ، فقد وجدنا أن هناك قرية في سوريا تابعة
لمحافظة الرقة تسمى "يثرب" . وكذلك وجدنا منطقة في العراق تابعة لمحافظة صلاح الدين
تسمى بهذا الاسم أيضا .
والله أعلم .