تشعر أنها رجل وتريد الانتحار
سؤالي ليس بسؤال عادي ، لأنه ليس من المعتاد على العرب أو المسلمين التطرق إليه ،
ما حكم المتحولين جنسيا ؟
سوف أعطيكم مثالا : أنثى في الثلاثين من عمرها ، لم تشعر ولو بيوم أنها أنثى ، شعر جسمها كالرجال ، الصوت وكل شيء فيها كالرجال ، لا صدر لديها ، العضو التناسلي هو عضو أنثى لكن التصرفات ، النفسية والتفكير هو ذكوري ، مع العلم أطباء نفسيين قالوا : إن تركيبة جسدها وعقلها هي تركيبة ذكورية ، وأن حل المشكلة بهرمونات أنثوية لن ينفع ، سوف يقل الشعر ، لكن التفكير واحد ، ولها حرية التجريب ، الفتاة لا تريد فعل الفاحشة ، أو معصية الله تعالى ، هي مسلمة ، لكن أهلها ليسوا فقهاء في الدين ، فالإسلام مجرد شيء عندما يسألون عنه يقولون : أجل نحن مسلمون ، على عكس ما تربينا عليه نحن العرب ، أريد النظرة الشرعية والحكم لها بما أنها أنثى داخلها رجل ، قد حاولت الهرمونات الأنثوية ، لكنها تريد الانتحار ، فهي تعيش في سجن أنثى ، والحرية لها أن تتحول إلى ذكر .
ما حكم الشرع في هذا ؟
الجواب
الحمد لله.
لم يتمثل العلاج يوما ما بالانتحار ، ولا بإزهاق الروح ، فالموت ليس حلا لأي من
المصائب ، بل هو المصيبة نفسها ، وخاصة إذا وقع بفعل الإنسان نفسه ، فيغدو حينئذ
كبيرة من كبائر الذنوب ، ويكون سببا في عذاب لا يقارن بعذاب الإنسان في ابتلائه
ومصابه ، فعذاب الآخرة أشد كما قال تعالى : ( وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ
وَأَبْقَى ) طه/127.
فأي فَرَجٍ تبحث عنه هذه الفتاة ، حين تنتقل من عناء الدنيا إلى عذاب الآخرة !!
وهي لو تفكرت وتأملت ، واختلت بقلبها وروحها ، وناجت ربها سبحانه وتعالى أن يلهمها
رشدها وصوابها ، لعلمت أن الحياة الدنيا آفاقها أرحب مما تظن ، وآمالها أوسع وأسعد
مما تتخيل ؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يخلقها محصورة في إطار الجنس " الذكورة أو
الأنوثة "، ولم يقصر سعادة الدنيا على الهوية " الجندرية " كما يسمونها ، بل هي
صنعة ربانية متقنة ، اتخذها الصالحون والمصلحون طريقا ومزرعة إلى السعادة الأبدية
في الآخرة ، يغرسون فيها غرس العمل والنجاح والإحسان والدعوة والإصلاح والتعلم
والتفكر والتعبد لله سبحانه ، ليجدوا أنوار هذه الخيرات مؤنسهم في ظلمة القبر ،
ومنقذهم على الصراط .
ولو تأملت هذه الفتاة الصالحة فيما حولها من أنواع الابتلاء التي تصيب العالمين ،
لشكرت الله سبحانه وتعالى ، وعلمت فضله ونعمه عز وجل عليها ، وأدركت أن " سجن
الأنوثة " الذي تتحدث عنه في سؤالها ما هو إلا تهويل النفس والشيطان ، بل هو سجن من
الأوهام التي يقيمها الإنسان في عقله وقلبه ، وحقيقة الأمر أيسر من ذلك .
فالذكر والأنثى يشتركان في أشياء كثيرة ، عقليا وبدنيا ونفسيا ، فيكفي أن تركز
الفتاة على هذه المشتركات ، ولا تظن أن الناس مطلعون على ما في نفسها ، ويرون ما
فيها من الذكورة ، فيترك ذلك فيها الضيق والحرج ، كل هذا من الأوهام ، فالناس لا
يبحثون إلا عن المعاملة الحسنة فيما بينهم ، والإحسان إليهم ، والمسلم في علاقته
بربه سبحانه لن يُسأل عن ذكورته أو أنوثته ، بل عن عمله الصالح ، وعلاقته بربه ،
وعلاقته بمن حوله ، ونفعه الناس ، فهل يضر بعد ذلك الشعور الداخلي الذي ينفخ فيه
الشيطان سمومه ! وهل خلاصة الحياة هي الرسوم والمظاهر " الجندرية " كي تكون هي فلك
التفكير ومحور الحياة !!
ورغم ذلك كله فلا ينبغي اليأس من العلاج ، ولا الانقطاع عن الاستشارات الطبية
المتخصصة التي تسهم في التخفيف بإذن الله ، فالرجاء في الله كبير ، أن يبعث في
القلب من الطمأنينة ما يدرأ هذه الهموم ، والعلاج بالدواء عامل مساعد بإذن الله ،
ولو بقي قدر من المشكلة لم تتمكن الفتاة من علاجه ، فحله أن تتعايش معه ، وتتقبل
قدر الله بالصبر والرضا ، وتحتسب أمرها عند الله ، متذكرة في ذلك كله أن أهل الأرض
كلهم ، منذ خلق آدم إلى قيام الساعة ، لم يخل أحد منهم من بلاء وامتحان في أيامه
ولياليه ، وأن السعيد من هؤلاء جميعا من حمد الله سبحانه على السراء والضراء ، وغرس
في صدره كل أسباب الرضا والقبول ، وانطلق إلى حياته يعبد ويبني وينتج ويبدع ،
متجاوزا آلامه بآماله ، ومستدركا مرضه بالنعم التي منحه الله إياها . وبهذا ينال
الإنسان الفوز في الدنيا والآخرة بإذن الله .
لمزيد من النصائح ، ينظر في موقعنا الأرقام الآتية : (183177) ، (196020) ،
(210197) ، (218008) .
كما سبق بيان حكم عمليات " تحويل الجنس "، في الأرقام الآتية : (34553) ، (138451)
، (164232) .
والله أعلم .