الحمد لله.
نحييك ، أيتها الأخت المسلمة ، على اهتمامك بدين والدتك فهذا من أعظم البر بها .
كما نذكّر أنفسنا وإياك ، أنّ على المسلم أن يرفق بوالديه في نصحهما ولا يسيئ
إليهما ، ولو كانا على ذنب ؛ بل ينكر عليهما الذنب بالرفق والحسنى ، ويطيعهما فيما
سوى ذلك .
قال الله تعالى : ( وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ
عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ
سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا
كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان /15.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
" ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ ) أي : اجتهد والداك ( عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ
لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ) ولا تظن أن هذا داخل في الإحسان إليهما ، لأن
حق الله مقدم على حق كل أحد ، و" لا طاعة لمخلوق ، في معصية الخالق " .
ولم يقل : " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فعقهما " بل قال : ( فَلا
تُطِعْهُمَا ) أي : بالشرك ، وأما برهما ، فاستمر عليه ، ولهذا قال: (
وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) أي : صحبة إحسان إليهما بالمعروف ،
وأما اتباعهما وهما بحالة الكفر والمعاصي ، فلا تتبعهما " انتهى من " تفسير السعدي
" ( ص 648 ) .
ثانيا :
1- لا شك أن دخول المرأة على الرجل الأجنبي ، والخلوة به هو من الأمور المحرمة ،
حتى وإن كان معوقا ، من ذوي الاحتياجات الخاصة ، ما دام يعقل أمر النساء ، ولا تؤمن
الفتنة به ، ومنه .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لاَ
يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ) رواه البخاري ( 5233
) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلاَ لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ
بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ) رواه الترمذي (2165) ، وصححه
الألباني في " صحيح سنن الترمذي " رقم (2165) .
كما أن هذا العمل يشتمل على النظر المحرم واللمس المحرم .
2- شراء الأغاني والأفلام والطعام المحرم للآخرين هو عمل محرم ؛ لأنه من الإعانة
على المنكر وقد نهى الله تعالى عن ذلك .
قال الله تعالى :
( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة / 2
.
فعليك أن تبيني لوالدتك حرمة الخلوة بهذا الرجل الأجنبي ، والدخول عليه ، ثم حرمة
شراء المحرمات له ، وأن عليها أن تكتفي بالعمل مع النساء .
وعليك أن تذكريها بقوله سبحانه وتعالى :
( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا
يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ
أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق / 2-3 .
قال الشيخ السعدي – رحمه الله تعالى - :
" فكل من اتقى الله تعالى ، ولازم مرضاة الله في جميع أحواله ، فإن الله يثيبه في
الدنيا والآخرة . ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجًا ومخرجًا من كل شدة ومشقة . وكما
أن من اتقى الله ، جعل له فرجًا ومخرجًا ، فمن لم يتق الله ، وقع في الشدائد
والآصار والأغلال ، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها " . " تيسير
الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 1026 ) .
نسأل الله تعالى أن يهدي
والدتك ويثبتها على الهدى ويرزقها من فضله .
والله أعلم .