الحمد لله.
والعلة من النهي عن ذلك : أن
وجود الخليطين معا يجعل الشراب يتخمر في وقت أسرع ، فيخشى أن يشربه المسلم وهو لا
يدري أنه خمر .
قال النووي رحمه الله :
" هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي النَّهْيِ عَنِ انْتِبَاذِ الْخَلِيطَيْنِ وشربهما،
وهما تمر وزبيب، أو تمر وَرُطَبٌ، أَوْ تَمْرٌ وَبُسْرٌ، أَوْ رُطَبٌ وَبُسْرٌ،
..... وَنَحْوُ ذَلِكَ.
قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ: سَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ
أَنَّ الْإِسْكَارَ يُسْرِعُ إِلَيْهِ بِسَبَبِ الْخَلْطِ ، قَبْلَ أَنْ
يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ ، فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْكِرًا وَيَكُونُ
مُسْكِرًا .
وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الجمهور أن هذا النهى لكراهة التنزيه ، ولا يحرم ذلك ما
لم يَصِرْ مُسْكِرًا، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ بعض
المالكية: هو حرام" انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية"
(5/ 20):
" ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ الْخَلِيطَيْنِ مِنَ الأْشْيَاءِ الَّتِي
مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَقْبَل الاِنْتِبَاذَ، كَالْبُسْرِ وَالرُّطَبِ، وَالتَّمْرِ
وَالزَّبِيبِ ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَدَّا...
وَقَال الْحَنَابِلَةُ : يُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ ، وَهُوَ أَنْ يُنْبَذَ فِي
الْمَاءِ شَيْئَانِ" .
فيؤخذ من هذا أن النهي إنما
هو عن الخليطين اللذين يوضعان معاً في الماء ، حتى يحلو الماء ويُشرب .
وينبني على هذا : أن خلط اللبن بالعسل لا يشمله هذا النهي ، وقد نص العلماء على هذا
.
قَالَ أبو بكر ابن
الْعَرَبِيِّ المالكي رحمه الله :
" وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْعَسَلَ بِاللَّبَنِ لَيْسَ بِخَلِيطَيْنِ ؛ لِأَنَّ
اللَّبَنَ لَا ينْبذ " .
انتهى من"فتح الباري" (10/ 69).
وينظر: "التاج والإكليل" (4/360) .
بل إن خلط العسل باللبن نافع
مفيد . قال ابن القيم رحمه الله :
" وَإِذَا شُرِبَ - يعني اللبن - مَعَ الْعَسَلِ نَقَّى الْقُرُوحَ الْبَاطِنَةَ
مِنَ الْأَخْلَاطِ الْعَفِنَةِ " .
انتهى من "زاد المعاد" (4/ 353) .
ثانياً :
ما ذكره السائل من كون الطعام الطيب لا يخلط بآخر : كلام لا أصل له ، لا شرعا ولا
طباً ، وخلط الطعام بالطعام ، أو الشراب بالشراب ، الأصل فيه الجواز ، إلا ما دل
الدليل على منعه.
وعامة أطعمة الناس – لو تأملتها – لوجدتها أنواعاً من الأطعمة وقد خلط بعضها ببعض .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب ، وهما طعامان طيبان .
رواه البخاري (5440) ، ومسلم (2043) .
والله أعلم .