يستفسر عن تعارض فتوى الموقع في مسألة تكرار العمرة ، واستعمال ما يمنع نزول الحيض
أرى من اطلاعي على بعض الفتاوى تناقضا في الرد على الفتوى الواحدة ، حيث أجد فتوى تبيح الفعل ، وفتوى أخرى تحظر نفس الفعل .
فعلى سبيل المثال :
( 1 ) تكرار العمرة في السفر الواحد
سؤال رقم : (34594) يريد أن يعتمر عن نفسه وعن أبيه المتوفى
الجواب : عليك أن تحرم بالعمرة عن نفسك من الميقات الذي ستمر به ، ثم إذا أتممت العمرة عن نفسك بالطواف والسعي والتقصير من شعرك ، تخرج إلى التنعيم ، أو غيره من الحل ( خارج الحرم )، ثم تحرم عن أبيك بالعمرة .
سؤال رقم : (111501) حكم تكرار العمرة من مكة
الجواب : الصحيح أنها لا تشرع ( بمعنى : أنه لا يستحب ذلك )، وما يفعله كثير من الناس اليوم من تكرار العمرة في السفرة الواحدة ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم .
( 2 ) حكم منع نزول الدورة
سؤال رقم : (192515) حكم أخذ حبوب منع الحيض قبل طواف الوداع
الجواب : لا حرج على المرأة أن تتناول شيئا من العقاقير الطبية ، لمنع نزول الدورة ، أو تقليل مدتها ، لتتمكن من الطواف بالبيت .
سؤال رقم : (36600) يجوز للمرأة أن تأخذ ما يمنع الحيض من أجل الحج
الجواب : لا حرج أن تأخذ المرأة حبوب منع الحمل ، تمنع الدورة الشهرية أيام رمضان ، حتى تصوم مع الناس ، وفي أيام الحج حتى تطوف .
سؤال رقم : (13738) أخذ حبوب منع الحيض في العشر الأواخر من رمضان
الجواب : لا نرى أنها تستعمل هذه الحبوب لتعينها على طاعة الله ؛ لأن الحيض الذي يخرج شيءٌ كتبه الله على بنات آدم .
الجواب
الحمد لله.
نشكر لكم المتابعة والملاحظة التي تنم عن شخصية محبة للعلم ، حريصة على الفقه في
الدين ، ومتابعة الجديد من المسائل الفقهية والفتاوى العصرية ، ونحيي فيك هذه الروح
التي تدقق وتراجع وتثابر ، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد .
وتوضيحا لملاحظاتكم نقول :
أولا :
ليس ثمة تعارض بين فتاوى الموقع في مسألة تكرار العمرة من أدنى الحل ، ذلك أن ما
قررناه أولا هو الجواز الذي يقرره جماهير العلماء ، ودلت عليه ظواهر الأدلة .
وأما الفتوى الثانية فليس فيها تحريم تكرار العمرة ، ولا تبديع هذه العبادة ، وإنما
قلنا إنها لا تستحب ، وهذا الحكم لا يفيد حتى الكراهة ، وإنما يفيد أنها خلاف
الأولى ، لوقوع الخلاف فيها ، وعدم ثبوتها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعدم
ثبوتها عن الصحابة الكرام على وجه كثير وواضح .
ولكن ذلك لا يعني بدعية العمل وحرمته ، بل هو جائز بإذن الله ، لأن الأدلة العامة
تدل عليه ، ولكن لما لم يثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه ، لم
نشجع عليه.
ثانيا :
ليس ثمة تعارض أيضا بين فتاوى الموقع في مسألة تناول الدواء لقطع الحيض (الدورة
الشهرية)، ذلك أن المقرر في موقعنا في العديد من الفتاوى هو الجواز ، وأنه لا حرج
على المرأة في تعاطي مثل هذا الدواء ، حرصا على العبادة ، وتقريرا بأن انقطاع الدم
الناتج عن هذا الدواء هو طهر معتبر تصح معه العبادات .
وغاية ما هنالك أننا في الفتوى رقم : (13738)،
لم ننصح النساء باستعمال هذا الدواء ، لا من باب التحريم أو الإبطال ، بل من جهة
خوفنا من أضراره الصحية ، أو آثاره الجانبية ، فآثرنا سلامة المرأة من إدخال أي
دواء لا تضطر إليه ، ولكنها إن أصرت وتناولته فلا إثم عليها ، ولا يملك أحد أن يوجه
إليها اللوم الشرعي ، أو العتب الديني .
والمستفاد مما سبق ذكره في أولا ، وثانيا ، أن طالب العلم عليه أن يدقق ويحقق في
صياغة الفتوى ، والكلمات المستعملة فيها ، كي لا يخطئ فهم الحكم الشرعي ، ولا تختلط
عليه المضامين .
وقد ورد عن كثير من العلماء – كالإمام أحمد وغيره – استعمال لغة الجواز في بعض
المواقع ، ثم عدم الاستحباب في موقع آخر ، دلالة على أنه لا تعارض بين الجوابين
بإذن الله .
والله أعلم .