ما حكم الرجل البالغ القادر الذي لا يصوم ؟ وما عقوبته في الدنيا ؟
الحمد لله.
صوم رمضان ركن من أركان الإسلام ، ولا يجوز للمسلم البالغ العاقل المكلف أن يفطر في رمضان إلا لعذر ، من سفر أو مرض أو غير ذلك ، ومن أفطر - ولو يوما واحدا - من غير عذر ، فقد أتى كبيرة من كبائر الذنوب ، وعرض نفسه لسخط الله وعقابه ، ويلزمه التوبة الصادقة النصوح ، ويلزمه قضاء ما أفطره ، في قول عامة أهل العلم ، وحكى بعضهم الإجماع عليه .
انظر السؤال رقم : (234125) .
أما من أفطر متعمدا في رمضان ، وهو مستحل لذلك : فقد كفر ، فيستتاب ، فإن تاب وإلا قتل .
ومن جهر بالفطر عزّره الإمام ، وعاقبه العقوبة التي تردعه وأمثاله عن هذا الفعل العظيم .
وهذه جملة من أقوال أهل العلم في ذلك :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" إذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ مُسْتَحِلًّا لِذَلِكَ ، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهِ ، اسْتِحْلَالًا لَهُ : وَجَبَ قَتْلُهُ .
وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا : عُوقِبَ عَنْ فِطْرِهِ فِي رَمَضَانَ ، بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ .
وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا : عُرِّفَ بِذَلِكَ " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/ 473) .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ : تَرْكُ صَوْمِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ رَمَضَانَ، وَالْإِفْطَارُ فِيهِ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ ، بِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ " .
انتهى من "الزواجر" (1/ 323) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" فطر المكلف في نهار رمضان من كبائر الذنوب ، إذا كان بغير عذر شرعي " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/ 357) .
وقال الشيخ ابن باز :
" من أفطر يوما من رمضان بغير عذر شرعي فقد أتى منكراً عظيماً ، ومن تاب تاب الله عليه ، فعليه التوبة إلى الله بصدق ، بأن يندم على ما مضى ، ويعزم ألا يعود، ويستغفر ربه كثيراً , ويبادر بقضاء اليوم الذي أفطره " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟
فأجاب :
" الفطر في نهار رمضان بدون عذر : من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقا، ويجب عليه أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره " .
انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (19/ 89) .
وقد روى النسائي في "الكبرى" (3273) عن أبي أُمَامَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ ) وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَ: ( ثُمَّ انْطَلَقَا بِي فَإِذَا قَوْمٌ مُعَلَّقُونَ بِعَرَاقِيبِهِمْ ، مُشَقَّقَةٌ أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ ) .
وصححه الألباني في "الصحيحة" (3951) . ثم قال بعده :
" هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا ؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة " انتهى .
وينظر للاستزادة السؤال رقم : (38747) .
والله أعلم.