الحمد لله.
فقد روى مسلم (591) عن ثوبان
رضي الله عنه ، قال : " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا "، وَقَالَ : ( اللهُمَّ
أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ ) .
وروى مسلم (592) ، وأهل
السنن عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ : ( اللهُمَّ
أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ
وَالْإِكْرَامِ ) .
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه
الله في " تصحيح الدعاء " (ص/431) :
" وأما زيادة لفظ ( وتعاليت ) بعد لفظ ( تباركت ) ، فلا تثبت في هذا الحديث ، وهي
ثابتة في دعاء القنوت ( اللهم اهدنا فيمن هديت... تباركت وتعاليت ) وفي دعاء
الاستفتاح بلفظ : ( سبحانك اللهم وبحمدك ... وتعالى جدك ) " انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله :
" في هذا الدعاء : " اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال
والإكرام " ، ما حكم كلمة تعاليت في هذا الدعاء ؟
فأجاب رحمه الله تعالى :
" الأفضل أن لا يقولها في هذا المكان ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقولها
في هذا المكان - إذا فرغ من الصلاة - بل كان يقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام
تباركت يا ذا الجلال والإكرام " .
وأما في غير هذا المكان ، فلا حرج أن يقول : تباركت ربنا وتعاليت ، وما أشبه ذلك ؛
لأن الجمع بين البركة والتعالي لم يرد منعٌ منه ، ولا يقتضي معنىً فاسداً ، لكن
الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم على صفةٍ معينة : الأفضل للإنسان أن
يلتزم بها ، وأن لا يزيد عليها ولا ينقص " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن
عثيمين .
ثانياً :
لا نعلم ، بعد البحث ، أن للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فتوى خاصة ، سئل فيها
عن لفظة ( وتعاليت ) بعينها ، هل تقال في أذكار الصلاة أو لا ؟
لكن قد يفهم من عموم كلامه ، أن لفظة ( وتعاليت ) ليست ثابتة عنده في ذلك الموضع ؛
وذلك لكونه لما بَيَّن ما يقال من الأذكار بعد الصلاة ، لم يذكر تلك اللفظة .
فقد جاء على موقعه رحمه الله
: بيان ما يقال بعد الصلاة من أذكار على هذا الرابط :
http://www.binbaz.org.sa/node/8475
وجاء - أيضاً - في " فتاوى
نور على الدرب " لابن باز (9/161) :
" يسكن معي في مكان العمل أخ في الإسلام مصري الجنسية ، ونصلي جماعة ونختلف بعد
الصلاة ؛ لأني أقول بعد الصلاة : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) اللهم
أنت السلام ومنك السلام ، أحينا ربنا بالسلام ، وأدخلنا الجنة دارك دار السلام ،
تباركت وتعاليت ، أستغفر الله العظيم من كل ذنب وأتوب إليه . ويقول هو : هذا خطأ ،
قل : أستغفر الله ثلاث مرات ، فهذا هو القول الصحيح . وجهوني حول ما قلت وحول ما
قال صاحبي ؟
الجواب : الذي قاله صاحبك هو
الصواب ، وقد ثبت في صحيح مسلم عن ثوبان رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله
عليه وسلم إذا انصرف من صلاته - يعنى إذا سلم من صلاته - قال : أستغفر الله -
ثلاثا - اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت ذا الجلال والإكرام هذا هو
المشروع ، أما الحمد له ، وقول: أحينا بالسلام . وما ذكرت في كلامك هذا لا أصل له
بعد السلام ، وإنما المشروع ما قاله صاحبك : أستغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر
الله . ثم تقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام .
هذا هو السنة .... " انتهى .
والله أعلم .