عزم على المعصية مقترنة بقوله بإذن الله أو إن شاء الله
ما حكم من ربط مشيئة الله وإذنه مع معصيته ، مثل : بإذن الله عندما أعود سوف أسمع أغاني ، وهكذا ؟
الجواب
الحمد لله.
الغالب في تعليق بعض العامة معاصيهم على إذن الله ومشيئته ، أنهم يريدون بذلك تأكيد
العزم على المعصية ، والتصريح بالنية الحاضرة للوقوع فيها، فهو تعليق يقصد به عند
قائله العزم على المعصية .
ولا يخفى على المسلمين أن العزم على المعصية ، ورجاء الوقوع فيها في قابل الأيام،
معصية سابقة على الفعل نفسه ، ونية آثمة يحاسب المرء عليها إذا انعقد عزمه على ذلك
وركنت نفسه إليه ، أو تكلم بها، أو بدأ بالبحث عن أسبابها فعلا، فقد قال عليه
الصلاة والسلام: ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ
أَنفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا ، أَوْ يَعمَلُوا بِهِ) رواه البخاري (2528) ،
ومسلم (127)
يقول ابن حجر رحمه الله:
" اقتران الفعل بالهم أو بالعزم لا نزاع في المؤاخذة به" انتهى من "فتح الباري"
(13/34) .
ومثاله في السنة ذاك الذي صرح بنيته وعزمه على إنفاق المال في المعصية ، فقال: (
لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلاَنٍ ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ
فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ) رواه الترمذي في "السنن" (رقم/2325) وقال: حسن صحيح .
ومثاله أيضا ما ذكره العلماء عن نذر المعصية ، فمن نذر الوقوع في المعصية فقد عقد
عزمه عليها، ولم يكتف بذلك ، حتى تلفظ بلسانه بها، بل وربطها بألفاظ الإلزام
والالتزام التي هي عبارات شديدة وأكيدة ، ولها حرمتها في الشريعة الإسلامية ، ومع
ذلك بقي الأمر في دائرة "نذر المعصية"، ولم يخرجه العلماء إلى دائرة التكفير ، أو
استحلال الحرام المعلوم تحريمه من الدين بالضرورة.
وذكر مشيئة الله في سياق العزم على المعصية يدل على ضعف الوازع الديني ، والوازع
الأدبي مع الله سبحانه ؛ فذكر الله ومشيئته إنما شرعت طلبا للاستعانة بالله تعالى ،
وتبركا بذكر اسمه ، ورجاء وقوع المطلوب ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم للمريض: (لاَ
بَأْسَ ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) رواه البخاري في "صحيحه" (3616) ، وذلك لا
يليق إلا بالطاعات أو المباحات ، أما المعاصي والآثام فحقها التوبة منها ،
والاستغفار لها ، وليس التهاون بها بذكر اسم الله معها .
نسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعن جميع المسلمين.
وللمزيد يرجى النظر في الجواب رقم: (238025)
، (105317)
.
والله أعلم.