الحمد لله.
ثانيا :
قَرَأَ نَافِعٌ وَعَاصِمٌ ( رُبَمَا ) مُخَفَّفَ الْبَاءِ ، والْبَاقُونَ بالتشديد.
انظر: "حجة القراءات" (ص: 380)، "تفسير القرطبي" (10/ 1) .
وهاتان لغتان في " رب " ،
تكلم بهما العرب جميعا ، وجاء بهما القرآن ، والقراءتان سبعيتان متواترتان ، وهذا
من التوسع في لسان العرب الذي نزل به القرآن الكريم .
والذي عليه كثير من النحاة : أن " رب " تجيء للتقليل ، والتكثير أيضا ، مخففة أو
مشددة .
قال القرطبي رحمه الله :
" وَهُمَا لُغَتَانِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَهْلُ الْحِجَازِ يُخَفِّفُونَ
رُبَمَا، وَتَمِيمٌ وَقَيْسٌ وَرَبِيعَةُ يُثَقِّلُونَهَا. وَحُكِيَ فِيهَا:
رَبَّمَا وَرَبَمَا، وَرُبَتَمَا وَرُبَّتَمَا، بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ
وَتَشْدِيدِهَا. وَأَصْلُهَا أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي الْقَلِيلِ ، وَقَدْ
تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَثِيرِ، أَيْ يَوَدُّ الْكُفَّارُ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ
لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، قَالَهُ الْكُوفِيُّونَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هي للتقليل
في هذا الْمَوْضِعِ ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ، لَا
فِي كُلِّهَا، لِشُغْلِهِمْ بِالْعَذَابِ " .
انتهى من "تفسير القرطبي" (10/ 1) .
وقال البطليوسي رحمه الله في "الإنصاف" (ص106) : " تأتي رب بمعنى التكثير في مواضع
الافتخار، والوجه في ذلك أن المفتخر يريد أن الأمر الذي يقل وجوده من غيره ، يكثر
وجوده منه ، فيستعير لفظ التقليل في موضع لفظ التكثير، إشارة الى هذا المعنى وليكون
أبلغ في الافتخار " انتهى .
والله تعالى أعلم .