الحمد لله.
وقوله : " دحما دحما " قال
في لسان العرب (12/ 196):
" الدَّحْمُ : الدَّفْعُ الشَّدِيدُ ، والدَّحْمُ : النِّكَاحُ. ودَحَمَ المرأَة
يَدْحَمُها دَحْماً: نَكَحَهَا "
وقال الأزهري في "التهذيب" (4/ 251):
" أَي يَدْحَمون دَحْماً، وَهُوَ شِدَّةُ الجِمَاع " .
وهذا يدل على شدة الشهوة ، مع كمال اللذة ، وهذا من تمام النعيم .
وأما سائر ألفاظ الحديث التي ذُكرت في السؤال فهي ضعيفة لم تثبت .
روى الطبراني في "الكبير" (7479) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (367) ، والبيهقي في
"البعث والنشور" (367) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : " أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، سُئِلَ أَيُجَامِعُ أَهْلُ الْجَنَّةِ ؟
قَالَ: (دَحَامًا دَحَامًا، وَلَكِنْ لَا مَنِيَّ، وَلَا مَنِيَّةَ) " .
وقال البيقي عقبه : " تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ
" .
وضعفه بهذا اللفظ البوصيري في " إتحاف الخيرة" (8/ 237) .
وقوله : " لا مني ولا منية "
يعني لا مني ينزل منهم ، ولا يحصل لهم موت فيقطعهم عن نعيم الجنة ، قال ابن القيم
رحمه الله : " أي لا إنزال ولا موت " .
انتهى من "حادي الأرواح" (ص 239) .
والمقصود : حصول كمال اللذة
، مع اندفاع الأذى والقذر عنهم .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في قوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ
مُطَهَّرَةٌ) البقرة/ 25 :
" فيها إثبات الأزواج في الآخرة ، وأنه من كمال النعيم ؛ وعلى هذا يكون جماع ، ولكن
بدون الأذى الذي يحصل بجماع نساء الدنيا؛ ولهذا ليس في الجنة مَنِيّ ، ولا مَنِيَّة
؛ والمنيّ الذي خلق في الدنيا إنما خُلق لبقاء النسل ؛ لأن هذا المنيّ مشتمل على
المادة التي يتكون منها الجنين ، فيخرج بإذن الله تعالى ولداً ؛ لكن في الآخرة لا
يحتاجون إلى ذلك ؛ لأنه لا حاجة لبقاء النسل؛ إذ إن الموجودين سوف يبقون أبد
الآبدين لا يفنى منهم أحد " انتهى من "تفسير القرآن" (3 /60) بترقيم الشاملة.
وروى الطبراني في "الكبير"
(7541) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (262) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: " سَأَلَ
رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، هَلْ يَنْكِحُ أَهْلُ
الْجَنَّةِ ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ) .
وفي إسناده سعيد بن يوسف ، ضعفه أحمد ، وابن معين ، والنسائي ، وغيرهم .
انظر: "التهذيب" (4/103) .
وورى الطبراني في "الكبير" أيضا (7674) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (368) عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ،
يَتَنَاكَحُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ ، فَقَالَ: (نَعَمْ، بِذَكَرٍ لَا يَمَلُّ ،
وَشَهْوَةٍ لَا تَنْقَطِعُ دَحْمًا دَحْمًا) .
وفي إسناده سليمان بن سلمة الخبائري ، وهو متروك ، وقال ابن الجنيد: كان يكذب.
"ميزان الاعتدال" (2/ 209) .
وروى البزار (9416) نحوه عن
أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، وهو ضعيف .
قال البوصيري في " إتحاف الخيرة" (8/ 236):
" مداره على الأفريقي وهو ضعيف " .
والله تعالى أعلم .