ما حكم وضع سلة القمامة أمام المصلين في المسجد؟ وهل هناك فرق بين وضعها أمام المصلين أو في الخلف ؟ حيث إني رأيت أحد الأئمة يضعها بجواره في المحراب ، وفيها كومة من المناديل القذرة ؟
الحمد لله.
أمر الله جل وعلا بتعظيم المساجد فقال تعالى : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ . رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ . لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) النور/ 36 – 38 .
قال ابن كثير في تفسيره (6 / 62): "هِيَ الْمَسَاجِدُ، الَّتِي هِيَ أَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْأَرْضِ ، وَهِيَ بُيُوتُهُ الَّتِي يُعْبَدُ فِيهَا ويُوَحّد ، فَقَالَ: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ) أَيْ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَفْعِهَا، أَيْ: بِتَطْهِيرِهَا مِنَ الدَّنَسِ وَاللَّغْوِ، وَالْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ الَّتِي لَا تَلِيقُ فِيهَا، كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ) قَالَ: نَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنِ اللَّغْوِ فِيهَا... وَقَالَ قَتَادَةُ : هِيَ هَذِهِ الْمَسَاجِدُ ، أَمَرَ اللَّهُ ، سُبْحَانَهُ ، بِبِنَائِهَا وَرَفْعِهَا ، وَأَمَرَ بِعِمَارَتِهَا وَتَطْهِيرِهَا..... وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ ، وَاحْتِرَامِهَا وَتَوْقِيرِهَا، وَتَطْيِيبِهَا وَتَبْخِيرِهَا " انتهى .
وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ( أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ) أبو داود (455) ، والترمذي (594) وغيرهما، وصححه الألباني.
وقد ذكر ابن عبد البر الكلام عن البصاق في قبلة المسجد ، ثم قال : " وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَجِسا، وَلَكِنَّ الْمَسَاجِدَ وَاجِبٌ تَنْزِيهُهَا عَنْ كُلِّ مَا تَسْتَقْذِرُهُ النَّفْسُ " .
انتهى من "الاستذكار" (7/183) .
فينبغي تنزيه المساجد عن كل ما لا يليق بها ، وعن كل ما يؤذي المصلين ويتقذرونه ، فإذا دعت الحاجة إلى وضع سلة للقمامة في المسجد ، فلتكن سلة مغطاة ، لا يظهر ما فيها من القذر ، ولا تكون أمام المصلين .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن وضع في بعض المساجد في قبلة المصلين صناديق لوضع النفايات من مناديل ونحوها ؟ فأجاب : لا أرى ذلك ، لأن النفس تتقزز منه.
قيل : فهل ينهى عن ذلك ؟
فأجاب : النهي عنه شديد .
قيل : فما حكم وضع كراتين المناديل فقط ؟ فأجاب : لا بأس ، للحاجة إلى ذلك ، وإذا استعملها وضعها في جيبه " انتهى من " ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين"(ص 40) بترقيم الشاملة.
وأما وضع سلات المهملات في نواحي المسجد فلا بأس به ، لأنه يساهم في نظافة المسجد ، بشرط أن تخرج ويطرح ما فيها أولا بأول ، ولا تترك حتى يتغير ما فيها وتنبعث منها روائح لا تليق بالمسجد.
والله أعلم.