الحمد لله.
ولا يستثنى من ذلك إلا حالة
الاضطرار البينة ، كأن لا يجد الإنسان ما يأكل أو يشرب أو يلبس أو يسكن إلا بالقرض
الربوي ، كما سبق في جواب السؤال رقم : (123563)،
ورقم : (94823)
والضرورة في السكن تندفع بالاستئجار لا بالتملك.
فاجتهدوا في البحث عن عمل مباح تتمكنون به من توفير هذا المسكن .
فإن لم تجدوا : جاز لكم الاقتراض الربوي لاستئجار مسكن تندفع به حاجتكم ، دون توسع
، فإن الضرورة تقدر بقدرها.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله :
" لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الضَّرُورَةَ لَهَا أَحْوَالٌ
خَاصَّةٌ تَسْتَوْجِبُ أَحْكَامًا غَيْرَ أَحْكَامِ الِاخْتِيَارِ.
فَكُلُّ مُسْلِمٍ أَلْجَأَتْهُ الضَّرُورَةُ إِلَى شَيْءٍ إِلْجَاءً صَحِيحًا
حَقِيقِيًّا، فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَمْرِهِ فِيهِ.
وَقَدِ اسْتَثْنَى اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - حَالَةَ الِاضْطِرَارِ فِي خَمْسِ
آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ ، ذَكَرَ فِيهَا الْمُحَرَّمَاتِ الْأَرْبَعَ الَّتِي هِيَ
مِنْ أَغْلَظِ الْمُحَرَّمَاتِ تَحْرِيمًا وَهِيَ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
كُلَّمَا ذَكَرَ تَحْرِيمَهَا اسْتَثْنَى مِنْهَا حَالَةَ الضَّرُورَةِ ،
فَأَخْرَجَهَا مَنْ حُكْمِ التَّحْرِيمِ.
قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ
مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا
مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ
اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ [6 145] .
وَقَالَ فِي الْأَنْعَامِ أَيْضًا: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ
اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا
اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [6 119] .
وَقَالَ تَعَالَى فِي النَّحْلِ: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ
وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ
بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [16 115] .
وَقَالَ تَعَالَى فِي الْبَقَرَةِ: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ
وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ
اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ [2 173] .
وَقَالَ تَعَالَى فِي الْمَائِدَةِ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ
وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ: فَمَنِ
اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ [5 3] " انتهى من "أضواء البيان" (7/356) .
وينظر : "القواعد النورانية" لشيخ الإسلام (205) ، و"العقود" له أيضا (37) ، "مدارج
السالكين" لابن القيم (1/376-377) .
والله أعلم.