الحمد لله.
وروى أبو داود (4191) عن أُمّ
هَانِئٍ رضي الله عنها قالت : " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَى مَكَّةَ وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ " .
وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
والغدائر: الضفائر .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" وما دل عليه الحديث من كون شعره صلى الله عليه وسلم كان إلى قرب منكبيه كان غالب
أحواله ، وكان ربما طال حتى يصير ذؤابة ، ويتخذ منه عقائص وضفائر ، وهذا محمول على
الحال التي يبعد عهده بتعهد شعره فيها، وهي حالة الشغل بالسفر ونحوه " انتهى
باختصار من "فتح الباري" (10/360) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" وَكَانَ شَعَرُهُ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ الْجُمَّةِ ، وَدُونَ الْوَفْرَةِ،
وَكَانَتْ جُمَّتُهُ تَضْرِبُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ ، وَإِذَا طَالَ جَعَلَهُ
غَدَائِرَ أَرْبَعًا، قَالَتْ أم هانئ: ( قَدِمَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ قَدْمَةً وَلَهُ أَرْبَعُ غَدَائِرَ ) ،
وَالْغَدَائِرُ الضَّفَائِرُ، وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ " انتهى من " زاد المعاد "
(1/ 170) .
وقال القاري رحمه الله:
" الضَّفْرُ: فَتْلُ الشَّعَرِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: مِنَ الضَّفِيرَةِ، وَهِيَ
النَّسْجُ، وَمِنْهُ ضَفْرُ الشَّعَرِ وَإِدْخَالُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ " انتهى من
" مرقاة المفاتيح " (3/ 1184) .
وقال في " لسان العرب " (4/ 490):
" كلُّ خُصْلة مِنْ خُصَل الشَعْرِ تُضْفَر عَلَى حِدَة: ضَفِيرةٌ، وجمعُها ضَفائِرُ
" انتهى .
فالحاصل :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طال شعره لسفر أو غيره: ضفره أربع ضفائر ،
وذلك على عادة العرب، وذلك بردّه إلى الخلف ، ثم يجعله خصالا، ثم ينسج بعضها على
بعض فَتْلا، حتى تصير أربع ضفائر .
على أن الواجب أن ننتبه إلى
أن تطويل الشعر ليس ـ في نفسه ـ من السنة التي يؤجر عليها المسلم ؛ إذ هو من أمور
العادات ، وقد أطال النبي صلى الله عليه وسلم شَعره وحَلَقَه ، ولم يجعل في تطويله
أجراً ، ولا في حلقه إثماً ، إلا أنه أمر بإكرامه ، ولم يخرج بذلك عن عادات العرب
وأحوالهم .
فإذا قدر أن العرف تغير في زمان ، أو مكان ، فصار تطويل الشعر خاصا بالنساء ، فلا
يجوز للرجال إطالته في ذلك المكان ، وإذا صار ذلك علامة على الفساق ، أو السفهاء ،
لم يكن لذوي المروءات والهيئات أن يعملوا عملهم ، أو يتحلوا بشعارهم .
وينظر السؤال رقم : (69822) ، والسؤال رقم
: (128184)
.
والله أعلم .