الحمد لله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" نية النسك : يعني نية الدخول فيه ، لا نية أنه يعتمر ، أو أنه يحج ، وبين الأمرين فرق ، فمثلاً إذا كان الرجل يريد أن يحج هذا العام ، فهل نقول إنه بنيته هذه أحرم ؟
الجواب : لا ؛ لأنه لم ينو الدخول في النسك .
وكذلك نريد أن نصلي العشاء ، فهل نحن بنيتنا هذه دخلنا في الصلاة ، وحرم علينا ما يحرم على المصلي ؟
الجواب : لا ، إذاً ، نية الفعل لا توثر ، لكن نية الدخول فيه هي التي تؤثر ، وسميت نية الدخول في النسك إحراماً ؛ لأنه إذا نوى الدخول في النسك ، حرم على نفسه ما كان مباحاً قبل الإحرام ، فيحرم عليه مثلاً : الرفث ، والطيب ، وحلق الرأس، والصيد، وغير ذلك....
قوله : ونيته شرط أي : نية النسك ، أي : نية الدخول في النسك شرط ، فلا بد أن ينوي الدخول في النسك ، فلو لبى بدون نية الدخول ، فإنه لا يكون محرماً بمجرد التلبية ، ولو لبس ثياب الإحرام بدون نية الدخول ، فإنه لا يكون محرماً بلبس ثياب " .
انتهى من " الشرح الممتع " (7/60-69) .
وعليه ، فمن نوى العمرة ، أو لبى ، من غير أن ينوي الدخول في النسك ، فإنه لا يعتبر محرماً.
ثانياً :
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه حدد لكل ميقات مساحة معينة ، بحيث من جاوز تلك المساحة ، لزمه أن يعود وإلا وجب عليه الدم ، وإنما ذكر أسماء مواضع معروفة يحرم منها الشخص ، فقد روى البخاري (1530) ، ومسلم (1181) عن ابن عباس رضي الله عنهما : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ ... " الحديث .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله :
" وهذه الأسماء لهذه المواقيت : أسماء أعلام على مواضع معلومة معروفة مشهورة لدى سكانها أو مجاوريها وغيرهم ، إلا أن لسكانها ونحوهم من الإحاطة بها علمًا ودقة المعرفة بأعيانها ما ليس لغيرهم ؛ لذلك لم يقدر النبي صلى الله عليه وسلم المسافات التي بينها وبين الحرم ، لا بالأميال ونحوها ، ولا بالمراحل ، كما أنه صلى الله عليه وسلم ، لم يحد واحدًا منها بحد ، ولم يصفه بصفة ، وإنما اقتصر على ذكر أسمائها .
إذا عرف هذا ، فإنه لا خلاف بين أهل العلم فيما اقتضته الأحاديث من أن " قرن المنازل " ويقال : " قرن " بدون إضافة ، هو ميقات أهل نجد والطائف ونحوهم ...
والحق الذي لا مرية فيه أن " قرن المنازل " اسم للوادي جميعه : أسفله ، وأعلاه ، وأوسطه ، ومن جملته القرية المذكورة ، وما قاربها " .
انتهى من " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم " (5/209).
وقد ذكر أهل العلم : أن جميع المواقيت أودية عظيمة .
قال الشيخ عبد الله البسام رحمه الله :
" جميع مواقيت الإحرام أودية عظام " .
انتهى من " تيسير العلام شرح عمدة الأحكام " ( ص/362) .
ويجوز للمحرم أن يحرم من أي موضع من الميقات ، حتى ولو أحرم من طرفه الأقرب من مكة .
قال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته على " الروض المربع " (3/529) : "وإن أحرم من الطرف الأقرب جاز ، لإحرامه من الميقات ، وصدق الاسم عليه ، والعبرة بالبقعة" انتهى .
وبناء على ما سبق ، فليست العبرة بالمسجد الذي وضع في تلك المواقيت ، بل العبرة بالموضع الذي يصدق عليه اسم ذلك الميقات ، ولا شك أن قطع تلك المسافة بعيدا عن المسجد ( 50 متراً ) غير مؤثر ، ولا يصدق على من قطعها أنه تجاوز الميقات ؛ لأن الوادي ممتد بعد المسجد بأكثر من تلك المسافة .