الحمد لله.
2- وإن كانت لا تنصب للزينة، لكن تستعمل طعوما لصيد الأسماك، فلا تحرم؛ لأنها
ممتهنة.
جاء في الموسوعة الفقهية (12/118): " يرى الجمهور أن الصور لذوات الأرواح - مجسمة
كانت أو غير مجسمة - يحرم اقتناؤها على هيئة تكون فيها معلقة أو منصوبة ، وهذا في
الصور الكاملة التي لم يقطع فيها عضو لا تبقى الحياة معه ، فإن قطع منها عضو - على
التفصيل المتقدم في الفقرة السابقة - جاز نصبها وتعليقها ، وإن كانت مسطحة جاز
تعليقها مع الكراهة عند المالكية .
ونقل عن القاسم بن محمد إجازة تعليق الصور التي في الثياب ، وهو راوي حديث عائشة في
لعن المصورين ، وكان من خير أهل المدينة فقها وورعا .
وأما إذا اقتنيت الصورة - وهي ممتهنة – فلا بأس بذلك عند الجمهور ، كما لو كانت في
الأرض أو في بساط مفروش أو فراش أو نحو ذلك . وقد نص الحنابلة والمالكية على أنها
غير مكروهة أيضا ، إلا أن المالكية قالوا : إنها حينئذ خلاف الأولى .
ووجهوا التفريق بين المنصوب والممتهن : بأنها إذا كانت مرفوعة تكون معظمة وتشبه
الأصنام . أما الذي في الأرض ونحوه فلا يشبهها ؛ لأن أهل الأصنام ينصبونها
ويعبدونها ولا يتركونها مهانة...
ومن الدليل على بقاء الصورة الممتهنة في البيت: الحديث المتقدم عن عائشة رضي الله
عنها : أنها قطعت الستر وجعلته وسادتين ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتكئ
عليهما وفيهما الصور .
وقد ورد عن عكرمة قال : كانوا يكرهون ما نصب من التماثيل ، ولا يرون بأسا بما وطئته
الأقدام . وكان القاسم بن محمد يتكئ على مخدة فيها تصاوير .
ولذا قال ابن حجر بعد ذكر قطع رأس التمثال: في هذا الحديث ترجيح قول من ذهب إلى أن
الصورة التي تمتنع الملائكة من دخول البيت الذي هي فيه : ما تكون فيه منصوبة باقية
على هيئتها . أما لو كانت ممتهنة ، أو كانت غير ممتهنة لكنها غيرت هيئتها إما بقطع
رأسها أو بقطعها من نصفها : فلا امتناع" انتهى.
3- وإن كانت السمكة الصناعية ناقصة الخلقة، بحيث أزيل منها ما لا تبقى معه
الحياة، كالرأس أو النصف، أو كانت لا تظهر فيها الملامح من عين وفم، أو كانت صغيرة
، بحيث لا تبدو ملامحها للناظر من بعيد : فلا تدخل في الصور المحرمة، ولا حرج في
صناعتها وبيعها واقتنائها.
قال ابن قدامة رحمه الله : "فإن قطع رأس الصورة , ذهبت الكراهة . قال ابن عباس :
الصورة الرأس , فإذا قطع الرأس فليس بصورة . وحكي ذلك عن عكرمة . وقد روي عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتاني جبريل , فقال : أتيتك
البارحة , فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل , وكان في البيت
ستر فيه تماثيل , وكان في البيت كلب , فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع ,
فيصير كهيئة الشجر , ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن , ومر بالكلب
فليخرج . ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإن قطع منه ما لا يبقي الحيوان بعد ذهابه , كصدره أو بطنه , أو جعل له رأس منفصل
عن بدنه , لم يدخل تحت النهي , لأن الصورة لا تبقي بعد ذهابه , فهو كقطع الرأس .
وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده , كالعين واليد والرجل , فهو صورة داخلة تحت
النهي .
وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس , أو رأس بلا بدن , أو جعل له
رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان , لم يدخل في النهي ; لأن ذلك ليس بصورة حيوان ".
انتهى من "المغني" (7/216).
وجاء في "المحيط البرهاني" من كتب الحنفية(5/309) : "وصورة الحيوان ، إن كانت
صغيرة بحيث لا تبدو للناظر من بعيد : لا يكره اتخاذها والصلاة إليها؛ لأن هذا مما
لا يعبد، وقد صح أنه كان على خاتم أبي هريرة رضي الله عنه ذبابتان، وكان على خاتم
أبي موسى الأشعري كُرْكِيّان، وكان على خاتم دانيال صلوات الله عليه صورة الأسد"
انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما مسألة القطن ، والذي ما تتبين له صورة
رغم ما هنالك من أعضاء ورأس ورقبة ، ولكن ليس فيه عيون وأنف : فما فيه بأس ؛ لأن
هذا لا يضاهي خلق الله" .
وقال أيضاً : " كل من صنع شيئاً يضاهي خلق الله : فهو داخل في الحديث ، وهو : (
لعن النبي صلى الله عليه وسلم المصورين . . . ) ، وقوله ( أشد الناس عذابا يوم
القيامة المصورون ) ، لكن كما قلت إنه إذا لم تكن الصورة واضحة ، أي : ليس فيها عين
ولا أنف ولا فم ولا أصابع : فهذه ليست صورة كاملة ، ولا مضاهية لخلق الله عز وجل "
انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/278، 279).
فبانضمام العلتين : الصغر ، بحيث لا تبين تفاصيله من بعيد ، والامتهان الظاهر بالاستعمال في الطعم : تقوى الرخصة في مثل ذلك ، لا سيما إذا دعت إليها الحاجة ، ويترجح أنه لا حرج في استعمال الأسماك الصناعية طعوما لصيد الأسماك، وأنها لا تدخل في الصور المحرمة .
والله أعلم.