الحمد لله.
ومثله يقال للراكب على
الدابة أو السيارة ، فلا يشرع له الإسراع لإدراك الصلاة ، إن كان ذلك يخرجه عن حد
السكينة من التجاوز والمراوغة بين السيارات ، والاعتداء على حق السالكين ، أو
إشغالهم بالأصوات المنبهة ، أو ترويعهم في الشوارع المأهولة ، بقطع إشارات المرور ،
ونحو ذلك مما يعد منافيا للوقار والسكينة .
أما إن كان يسير سيرا لا يخرج به عن حد السكينة والوقار ، كما كان النبي صلى الله
عليه وسلم يسير يوم النفر من عرفة ، فحين سمع صوتا وزجرا وضربا للإبل ، قال :
(أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِينَةَ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ [أي :
الإسراع] ) .
ومع ذلك كان إذا وجد متسعا في طريقه : أسرع ، كما جاء في الحديث الصحيح : أنه صلى
الله عليه وسلم (كان يسير العَنَقَ ، فإذا وجد فجوة نصّ) . متفق عليه .
والعنق والنصّ : نوعان من إسراع السير ، وفي العنق نوع من الرفق ، والنصّ فوق ذلك .
ينظر " شرح النووي على مسلم " (9/34) .
فتبيّن من هذا أن من الإسراع
ما لا ينافي السكينة ، وهو في كل طريق بحسبه ، حسب ازدحامه أو خلوه ، وسعته أو ضيقه
ونحو ذلك .
فإذا كان الإسراع مع سكينة ، ولم يوتر السائق نفسه بذلك الإسراع ، ولا تشوش به ذهنه
: فلا حرج فيه لإدراك الصلاة .
قال أبو الوليد الباجي :
" قال مالك فيمن سمع مؤذن الحرس ، فحرك فرسه ليدرك الصلاة : لا بأس به .
قال القاضي أبو الوليد : ومعنى ذلك عندي : أن يحركه للإسراع في المشي ، دون جري ،
ولا خروج عن حد الوقار " انتهى من " المنتقى شرح الموطأ " (1/164) .
والله أعلم .