الحمد لله.
ويجوز لها أن تتحجب بالجلباب الأبيض أو غيره ، إذا كان ذلك من عادة أهل بلدها .
أما ما لم يكن من عادتهم ، فإنها لا تلبسه ، لأنه سيصير ملفتا للنظر ، ويفتح مجالا
للناس في الحديث والكلام ، وربما بالغيبة والبهتان ، ولا يجوز للمرأة أن تعرض نفسها
لمثل ذلك .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز للمرأة أن تتحجب بلباس أبيض أو أخضر أو غيره من الألوان ، إذا كان هذا عادة
عند قومها، خاصةً إذا حوربت من بعض الجهات إن هي لبست جلباباً أسود؟
فأجاب :
" لا بأس -إذا كان هذا عادة أهل البلد- أن تلبس الثياب البيض، لكن ليس على شكل ثياب
الرجال ، واللون لا عبرة به ، لكن بشرط: أن يتميز ثوبها عن ثوب الرجل .
أما إذا لم يكن من عادة بلدها : فإن الواجب أن تتبع عادة أهل البلد ، تلبس الثياب
السود ، أو الخضر ، أو الحمر ، حسب العادة ، وتغطي جميع وجهها " .
انتهى من " اللقاء الشهري " (66/ 26) بترقيم الشاملة .
وقال أيضا رحمه الله :
" لا بأس للمرأة أن تلبس ما شاءت ، إلا ما يعد تبرجاً وتجملاً ، فإنها لا تفعل،
لأنها سوف يشاهدها الرجال، وقد قال الله تعالى: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ
الْجَاهِلِيَّةِ) .
فمثلاً : الثوب الأبيض يعتبر ثوب تجمل ، ومن ثياب الجمال ، فلا تلبسن المرأة في حال
الإحرام ثوباً أبيض، لأن ذلك يلفت النظر ويرغب في النظر إليها؛ لأن المعروف عندنا
أن الثوب الأبيض بالنسبة للمرأة ثوب تجمل ، والمرأة مأمورة بألا تتبرج في لباسها "
.
انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (22/ 181) .
فالثياب البيض بالنسبة للمرأة غير معروفة في بلادك ، فلبسها ملفت للنظر ، فلا
يجوز لك أن تلبسيها ، وإنما تلبس المرأة الحجاب المعتاد في بلادها ، ولا تلبس ما
يكون ملفتا للنظر مثيرا للانتباه ، سواء كان جلبابا أو خمارا أو غير ذلك .
ثانيا :
إذا كانت الطرح والعباءات والجلاليب التي تصممينها غير مزخرفة ولا مزركشة : فلا بأس
بها .
ولا تعتبر من الزينة التي نهيت المرأة عن إبدائها للأجانب .
لكن إذا كانت هذه العباءات سوف تلبسها المرأة في الشارع ، ففي ذلك مخالفة للعادة
الجارية في بلادك من كون حجاب المرأة يكون أسود ، والمرأة ممنوعة من مخالفة عادة
أهل بلدها في ذلك ـ كما سبق ـ ، ولا تجوز إعانتها على هذا .
أما إذا كانت ستلبسها في بيتها ، أمام محارمها : فلا حرج في ذلك .
ثالثا :
روى ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 160) بسند صحيح عَنِ الْقَاسِمِ بن محمد : " أَنَّ
عَائِشَةَ: كَانَتْ تَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُوَرَّدَةَ بِالْعُصْفُرِ وَهِيَ
مُحْرِمَةٌ ".
وهذا لا يلزم منه أنها كانت تلبسه أمام الأجانب ، والقاسم بن محمد هو ابن أخيها ،
فهو من محارمها، ويريد أن يبين أن الثياب المعصفرة لا بأس بها للمحرمة .
وقد رواه البيهقي (9113) من طريق أخرى بنحوه وبوب له : " بَابُ الْعُصْفُرِ لَيْسَ
بِطِيبٍ "
وروى البخاري (1618) عن ابْن جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قال: "كُنْتُ آتِي
عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ فِي جَوْفِ ثَبِيرٍ"
قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟ قَالَ: "هِيَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، لَهَا غِشَاءٌ،
وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا
مُوَرَّدًا ".
قال الحافظ رحمه الله :
" أَيْ قَمِيصًا لَوْنُهُ لَوْنُ الْوَرْدِ. وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ "دِرْعًا
مُعَصْفَرًا ، وَأَنَا صَبِيٌّ" . فَبَيَّنَ بِذَلِكَ سَبَبَ رُؤْيَتِهِ إِيَّاهَا،
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَأَى مَا عَلَيْهَا اتِّفَاقًا " انتهى من " فتح الباري
" (3/ 481) .
والله تعالى أعلم .