الحمد لله.
وعليه ، فمادام أن الفائز في
لعبة البلي ، يأخذ بلي المغلوب ، والبلي كما لا يخفى يشتريه الشخص بماله ، صار
اللعب بها في هذه الحال من القمار .
والحكم بالتحريم لا يختلف ،
سواء باع الفائز البلي بعد ذلك لنفس صاحبها ، أو باعها لطرف ثالث ، أو احتفظ بها .
ثانياً :
الانشغال بتلك اللعبة ذلك الوقت الطويل ، لا سيما لمن هم في عمرك أيها السائل ، يعد
من الحرمان ، فضياع خمس ساعات من اليوم في اللعب فقط ، ليس بالأمر الهين ، فكم بقي
من اليوم - بعد خصم أوقات النوم والأكل ومجالسة الأهل - للجد والاجتهاد في تحصيل ما
ينفع الشخص في دينه ودنياه ؟!
فالمرء مسؤول يوم القيامة عن عمره ووقته فيما أفناه ، كما قال عليه الصلاة والسلام
: ( لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ
فِيمَا أَفْنَاهُ ... الحديث ) رواه الترمذي ( 2417 ) .
فبعض الألعاب ، ولو خلت من
القمار ونحوه من المحرمات ، وتضييع ما يجب على الشخص من واجبات قد يُمنع منها
لاعتبار آخر ، وهو فيما إذا حصل من الشخص إدمان وإكثار من اللعب .
قال الدكتور سليمان الملحم
حفظه الله :
" لقلة اللهو وكثرته أثر في الحكم ، فيرخص في بعض اللعب إذا كان يسيراً ، ما لا
يرخص فيه مع المداومة والإدمان ؛ إذ إن الإكثار من اللهو ولو كان جنسه مباحاً ،
يؤدي إلى مفاسد كثيرة ... " انتهى من " القمار حقيقته وأحكامه " (ص/293) .
وقد نص بعض أهل العلم ، ممن
يرى أن "الشطرنج" مكروه ، وليس محرما ، على أنه إذا ملك عليه همه ، وشغل به عامة
وقته : حرم عليه ، وردت شهادته بلعبه .
قال ابن الرفعة رحمه الله :
" وقد اتفق الكل على أنه لو اقترن باللعب بالشطرنج تشاغل، بحيث انقطع له ليله
ونهاره، ولها به عما سواه ، أو خلاعة بذكر الهجر من القول ، أو قمار، كما إذا أخرج
كل من المتلاعبين مالًا، وشرطًا أيهما غلب أخذ المالين- ردت شهادته، لقوله تعالى: (
إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة:90، والميسر: القمار."
انتهى من "كفاية النبيه" (19/114) .
وجاء في "المنهاج" للنووي
رحمه الله ، وشرحه ، في سياق "خوارم المروءة" التي ترد بها الشهادة :
" (وإكباب على لعب الشطرنج) وذلك بحيث يغلب عليه ويشغله عن مهماته، وإن لم يقترن به
ما يحرمه ؛ لإخلال ذلك بالمروءة، ويرجع في قدر الكثرة إلي العادة، هذا في اللعب به
في الخلوة، أما علي الطريق ... فخارم للمروءة وإن قل " .
انتهى من "النجم الوهاج شرح المنهاج" (10/310) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال
رقم : (116032) ، وجواب السؤال رقم : (20962)
.
والله أعلم .