ما حكم الاشتراك لمدة محددة ، ودفع مبلغ لموقع يقدم سلعا للبيع ؛ للحصول على خدمات إضافية كمثال :الاشتراك في خدمة أمازون برايم ، بمبلغ مقطوع سنوي ، والحصول على خدمات مجانية منها شحن الأغراض مجاناً ، أو الحصول على عروض التخفيضات قبل طرحها للمستخدم غير المشترك ؟
الحمد لله.
أولا :
بالاطلاع على خدمة أمازون برايم ، تبين أنها تقوم على دفع المشترك في (أمازون) رسم اشتراك سنوي قدره 99 دولارا، ليستفيد من ذلك عدة ميزات، منها: توصيل بعض المنتجات التي اشتراها من (أمازون) مجانا إليه خلال يومين، ومنها التوصيل في يوم واحد بسعر مخفض، وهذا التوصيل المجاني أو المخفض لا ينطبق على جميع المنتجات المعروضة في أمازون ، بل يختص بالمنتج الذي وضع إلى جواره جملة (أمازون برايم).
وهناك ميزات أخرى لهذا الاشتراك منها الحصول على كتب مجانية لجهاز الكندل، ومنها الحصول على فيديوهات أمازون مجانا، لكن الغالب –بالنسبة للمشتركين من الدول العربية- هو السعي للحصول على ميزة الشحن المجاني والمخفض.
ثانيا:
يحرم الاشتراك في (أمازون برايم) لوجود الجهالة والغرر، والمقامرة .
أما الجهالة والغرر: فلأن المشترك يدفع مبلغاً من المال، بهدف الحصول على الشحن المجاني ، أو المخفض ، في حال شرائه منتجا تنطبق عليه هذه الخدمة، وهذا التخفيض لا يعلم كم هو ، ولا كم نسبته من السعر الأصلي للشحن !!
فما يعود عليه من النفع لا تُعرف حقيقته، ولا مقداره، وقد لا يشتري، فيخسر ما دفع، وقد يشتري مرات عدة ويستفيد من هذه الخدمة فائدة مجهولة له عند العقد، وقد (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) رواه مسلم (1513) ، وهو كل ما فيه جهالة .
وأما المقامرة : لأن في المعاملة غرما محققا، وغنما محتملا، وهذه حقيقة الميسر والمقامرة الذي حرمته الشريعة، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون )المائدة/90 .
فهذا الاشتراك له حكم بطاقات التخفيض المحرمة ، وقد صدر فيها قرار عن المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي في دورته الثامنة عشرة ، ومما جاء فيه :
" بعد الاستماع إلى الأبْحاثِ المقدَّمة في الموضوع والمناقشات المستفيضة قرَّر : عدم جواز إصدار بطاقات التخفيض المذكورة أو شرائها ، إذا كانت مقابل ثمن مقطوع أو اشتراك سنوي ؛ لما فيها من الغرر ؛ فإن مشتري البطاقة يدفع مالاً ولا يعرف ما سيحصل عليه مقابل ذلك ؛ فالغرم فيها متحقق يقابله غنم مُحتمل " انتهى.
وكذلك صدرت عن اللجنة الدائمة للإفتاء فتوى بتحريم التعامل بهذا النوع من بطاقات التخفيض، وبه أفتى كل من الشيخين : ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله تعالى.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " تنتشر في بعض المحلات التجارية والمستوصفات الأهلية إصدار بطاقة تعطى لمن يرغب الاشتراك فيها مقابل مبلغ مالي يدفع سنويا ، ويحصل حاملها على بعض الفحوصات المجانية خلال السنة ، وبعض الخصومات المالية على بعض الفحوصات المعملية الأخرى. وسؤالي : هل يجوز إصدار تلك البطاقات أو التعامل بها ؟ جزاكم الله خيرا.
فأجاب: هذا العمل لا يجوز ، لما فيه من الجهالة والمقامرة والغرر الكثير ، فالواجب تركه ، والله الموفق" انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (19/58).
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، ما نصه:
" يوجد عند بعض المكتبات التجارية إعلان يشتمل على أن من يدفع في الشهر مبلغاً معيناً من النقود فإنه يحصل على أمرين: الأمر الأول: يزود بالكتب الجديدة في مواد التخصص كالفقه ونحوه.
والأمر الثاني: يعطى بطاقة تخفيض (10%) إذا أتى يشتري.
فما حكم ذلك؟
فأجاب:
هذا نوع من الميسر الذي قال الله تعالى فيه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [المائدة:90] ، والميسر: كل معاملة مبناها على المغالبة؛ إما غانم وإما غارم، هذه القاعدة الشرعية في الميسر، فهذا الرجل الذي يدفع كل شهر خمسمائة ريال -مثلاً- قد يشتري كتباً تكون نسبة التنزيل فيها أكثر من ألف ريال، وقد لا يشتري شيئاً، فإذا فرضنا أنه يشتري كتباً نسبة التخفيض فيها أكثر من خمسمائة ريال صار غانماً، وصاحب الدكان غارماً؛ لأنه يخسر. وإن لم يشتر صار صاحب الدكان غانماً وهذا غارماً؛ لأنه دفع خمسمائة ريال ولم يأخذ مقابلاً لها، فهذه المعاملة من الميسر ولا تحل.
والحقيقة أن مثل هذه المعاملات فشت الآن كثيراً، فلو فرض -مثلاً- أننا تخلصنا من الربا الذي تقوم عليه كثير من البنوك اليوم، في كثير من معاملاتها، تورطنا في الميسر، الآن كثرت هذه المعاملات والمغالبات، فإذا قدرنا أن الربا خُفف، كما هو الآن، اتجه بعض البنوك إلى فتح بعض الفروع إسلامية تتعامل حسب مقتضى الشريعة، تأتينا هذه البلايا في المعاملات وهي بلايا الميسر، فالواجب علينا أن ننتهي عن هذا عن كل معاملة تكون فيها مغالبة، إما غانم وإما غارم" .
انتهى من " لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين " (53/ 9).
وينظر : "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/6).
والله أعلم.