هل ثبت أن فاطمة رضي الله عنها سُحرت ؛ فرغب عليّ رضي الله عنه في الزواج بغيرها ؟!
هل فعلا ورد في السيرة النبوية أن سيدة نساء الجنة فاطمة الزهراء وقع لها سحر فكرهها سيدنا علي ، وأراد أن يتزوج عليها ؟ إذا كان نعم ، فالمرجو منكم أن تخبرونا كيف فك هذا السحر ؟ وهل هناك علاقة بخلخالها ؟
الجواب
الحمد لله.
القول بأن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سحرت ، فكرهها عليّ رضي الله عنه
، ورغب في الزواج بغيرها : قول باطل لا أصل له ، ولا نعلم أحدا من أهل العلم ممن
ترجم للصحابة رضي الله عنهم ، أو صنف في السيرة ، ذكر مثل هذا الكلام .
نعم ، ثبت أن عليا رضي الله عنه همّ بالزواج من ابنة أبي جهل ، فمنعه النبي صلى
الله عليه وسلم ، فترك ذلك ، وقد ذكر العلماء جملة من الأسباب التي من أجلها منع
النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب من هذا الزواج، وانظري بيان ذلك في جواب
السؤال رقم : (162287).
كما ثبت أنه كان قد غاضبها وهجر البيت ، فأصلح النبي صلى الله عليه وسلم بينهما .
روى البخاري (441) ، ومسلم (2409) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه ، قَالَ :
" جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ
يَجِدْ عَلِيًّا فِي البَيْتِ ، فَقَالَ : ( أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ ؟ ) قَالَتْ:
كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ ، فَغَاضَبَنِي ، فَخَرَجَ ، فَلَمْ يَقِلْ
عِنْدِي [القيلولة هي النوم نصف النهار] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِنْسَانٍ : (انْظُرْ أَيْنَ هُوَ؟) فَجَاءَ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّه ِ، هُوَ فِي المَسْجِدِ رَاقِدٌ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ ، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ،
وَأَصَابَهُ تُرَابٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَمْسَحُهُ عَنْهُ، وَيَقُولُ: ( قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ) " .
أما تسلط الشياطين عليها بالسحر ، فتغير عليها زوجها ، ورغب عنها ، وسعى في الزواج
بغيرها : فظاهر البطلان والكذب .
وقد كانا رضي الله عنهما يحيان حياة طيبة سعيدة ، لا يكدر عليهما فيها إلا ما قد
يقع عادة بين الزوجين من الاختلاف والنزاع والغضب ، ثم سرعان ما يفيئا ، وقد قال
الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ 97 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة
نبيه من ذكر أو أنثى من بني آدم ، وقلبه مؤمن بالله ورسوله ، وإن هذا العمل المأمور
به مشروع من عند الله - بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما
عمله في الدار الآخرة.
والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت" انتهى من "تفسير ابن كثير" (4
/601) .
فكانت حياتهما رضي الله عنهما حياة طيبة، تشمل وجوه الراحة من كل وجه .
والله تعالى أعلم .